حديث عن بعض شؤون التأمين - مقابلة مع فاروق يونس اجراها مصباح كمال
في البدء، أشكرك على ترحيبك بصدور كتابي الجديد التأمين: مقتربات تاريخية واقتصادية ومعاصرة. آمل أن يجد الكتاب ما يستحقه من نقد وتقويم.
عند قراءة الإجابات أرجو الأخذ بنظر الاعتبار أنها تكتفي بالإشارة وليس
التفصيل الوافي، ذلك أن موضوع معظم الأسئلة يرد في كتب التأمين، ولسنا هنا بصدد
تأليف كتاب عن التأمين.
السؤال الاول: ما معنى المقاصة في شركات التأمين وهل هناك شروط معينة لإجرائها؟
كما تعرف فإن آلية المقاصة (خصم الذمم المدينة من الذمم الدائنة) معروفة في التعامل بين المصارف.
أرى أن المقاصة في مجال التأمين تتضمن الموازنة بين إجمالي أقساط التأمين
المكتتبة وبين المبالغ (التعويضات) المتوقع من شركة التأمين الوفاء بها لمن يتضرر
من المؤمن لهم جراء خطر مؤمن عليه في وثيقة التأمين. وتهدف مثل هذه الموازنة إلى تحقيق هدفين. الأول، حماية شركة التأمين من عدم قدرتها على
الوفاء بالتزاماتها تجاه المؤمن لهم (تسديد التعويضات). والثاني، التحوط من فقدان فرصة تحقيق هامش
للربح، فشركات التأمين التجارية، ومنها شركات التأمين التكافلي، ليست مؤسسات
خيرية، فهي وجدت لتحقيق الأرباح.
ولعله من المفيد هنا الإشارة إلى مقترب آخر لمفهوم المقاصة في التأمين هو "رصيد
التغطية" الذي عرّفه بهاء بهيج شكري كما يلي:
ويقصد برصيد
التغطية مجموع المبالغ التي تحصل عليها هيئات التأمين كأقساط تأمين من المؤمن لهم
وتكرسها لتغطية الأخطار التي يتحملها البعض منهم نتيجة لتحقق الخطر المؤمن
منه. ويلعب رصيد التغطية الدور الرئيسي في
عملية توزيع أعباء الخطر إذ يتوقف نجاح هذه العملية على كفاءة الرصيد وطريقة
تكوينه، فكلما كان رصيد التغطية متوازنا ومتعادلا مع حصيلة الأضرار بحيث يمكن
لهيئة التأمين تغطيتها منه دون أن تضطر إلى اللجوء إلى رأس مالها وموجوداتها
الخاصة كلما كان ذلك دليلا على نجاح عملية التوزيع.
إن هيئة التأمين
باعتبارها وسيطا بين المؤمن لهم المتعاونين، ينبغي عليها أن تبني تقديراتها على
أسس دقيقة لتتجنب التورط بتحمل تبعة الأخطار على عاتقها وعليها أن تبذل ما لديها
من طاقات فنية لتحقق التوازن المطلوب بين رصيد التغطية وحصيلة الأضرار. ويتوقف تحقيق هذا التوازن بوجه عام على عوامل
ثلاث هي (1) قسط التأمين و (2) انتقاء الأخطار و (3) الانحرافات.[1]
ويُفترض بشركات التأمين الرصينة أن تقوم بالمطابقة بين إجمالي أقساط
التأمين المكتتبة وحجم مبالغ التأمين المتوقعة، وكلاهما يخضعان للتقدير. ولكن يمكن الاستعانة بالتجربة التاريخية لشركة
التأمين والاستفادة من التحليل الاكتواري، وكذلك ترتيب عقود لإعادة التأمين،
الاتفاقي أو الاختياري، لتحقيق التوازن المطلوب في الوضع المالي للشركة وضمان عدم
تعرضها للعسر أو الانهيار نتيجة لتجاوز مبالغ التعويضات أقساط التأمين المتجمعة
لديها. في حالة تعرض الشركة لخسائر كبيرة
غير متوقعة يمكنها أن تلجأ إلى ما لديها من احتياطيات أو تسييل بعض الاستثمارات،
وفي أسوأ الحالات استخدام رأسمال الشركة وهو ما يقوّض مكانتها المالية
وسمعتها. بالاستفادة من هذه العناصر يمكن
رسم سياسة سليمة للاكتتاب بالأخطار.
تنص القوانين الرقابية على ما يُعرف بهامش الملاءة لضمان وفاء شركة التأمين
بالتزاماتها التعاقدية. فقانون تنظيم
أعمال التأمين لسنة 2005 يضم في المادة عشرون تعريفًا لهذا الهامش:
هامش الملاءة- الزيادة في
قيمة موجودات المؤمن الفعلية على مطلوباته بما يمكنه من الوفاء بالتزاماته كاملة
ودفع مبالغ التعويضات المطلوبة منه عند استحقاقها دون أن يؤدي ذلك الى تعثر أعماله
أو اضعاف مركزه المالي.
من منظور أوسع يمكن اعتبار المقاصة بين المخاطر التي تقوم شركة التأمين
بالتأمين عليها على أنها تنظيم مُضمر للتعاون بين جمهور المؤمن لهم يهدف إلى توزيع
عبء المخاطر المؤمن عليها (التكلفة المالية للأضرار والخسائر) على أعضاء هذا الجمهور.
هناك بُعد آخر للمقاصة بين شركات التأمين.
أفضل مثال على ذلك هو المقاصة بين الشركات التي تقوم بالتأمين على السيارات لخصم
الذمم المدينة من الذمم الدائنة بينها بموجب اتفاق بينها. وتنشأ هذه الذمم من مطالبات التعويض من الحوادث بين
الأطراف المشتركة في هذه الحوادث حيث تكون الذمم دائنة أو مدينة وفق المسؤوليات
المترتبة على الحوادث. ونجد مثل هذا
الاتفاق في أسواق التأمين المتقدمة ومنها المملكة المتحدة. حسب المعلومات المتوفرة فإن سوق التأمين
العراقي لم يبادر حتى الان لتنظيم مثل هذه الاتفاقية كما عملت دولة الإمارات
العربية المتحدة.
السؤال الثاني: كيف يتم تحديد مبلغ التعويض وهل يجوز الحصول على تعويض
يتجاوز مبلغ الضرر الفعلي؟
لا يرد في القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951 وتعديلاته تعريف
للتعويض. لكننا نقرأ في الفصل الثالث -عقد
التأمين- الإشارة التالية للتعويض:
مادة 988
متى تحقق الخطر، او حل
اجل العقد، اصبح التعويض او المبلغ المستحق بمقتضى عقد التأمين واجب الاداء.
وترد إشارات أخرى للتعويض في المواد 1001، 1002، 1003، 1005. وكلها لا تقدم تعريفًا لمصطلح التعويض.
يُعرّف بهاء بهيج شكري التعويض indemnity كالآتي:
يشير هذا المصطلح إلى
مبدأ التعويض في نظام التأمين حيث يعوض المؤمن له عن الخسارة التي لحقت به فعلاً
وإعادته بعد وقوع الحادث إلى نفس المركز المالي الذي كان عليه قبل وقوع الحادث لا
أكثر ولا أقل، بقدر تعلق الأمر بالشيء المؤمن عليه.[2]
كما يتبين من هذا التعريف فإن إعادة المؤمن له إلى الوضع المالي الذي كان
عليه قبل وقوع الحادث المُسبب للضرر يتمثل بمبلغ نقدي يعادل ما لحق المؤمن له من
ضرر مادي (جراء حادث حريق مثلًا) أو ما فاته من كسب (كما في تأمين خسارة الأرباح)
بسبب الفعل الضار. فالتعويض بهذا المعنى
هو جبرٌ للضرر وينبغي أن يتكافأ التعويض مع الضرر "لا أكثر ولا أقل" من
الضرر المتحقق.
يتحدد مبلغ التعويض بحجم الضرر المتحقق على محل التأمين (دار أو مصنع
وغيره). ويتم تحديد مبلغ التعويض اعتمادًا
على نوع الضرر. فمبلغ تعويض ثلاجة أو أثاث
تعرّض لخسارة كلية يكون مساويًا لمبلغ شراء ثلاجة جديدة، وهذا هو الحال بالنسبة
لوثائق التأمين على أساس "استبدال القديم بالجديد" New for
Old شريطة أن يكون مبلغ التأمين مساويًا للقيمة الاستبدالية لمحل
التأمين (ويكون قسط التأمين متناسبًا مع هذه القيمة). خلاف ذلك تنشأ حالة انتفاع من وثيقة التأمين
على حساب المؤمن لهم الآخرين، وهو ما يتنافى مع مبدأ التعويض.
في حالات أخرى، يتحدد مبلغ التعويض بكلفة التصليحات، كما في وثيقة التأمين
الهندسي، إثر حادث عرضي كالحريق أو نتيجة لفعل عوارض الطبيعة كالفيضان أو
الإعصار. عندها يقدم المقاول تكاليف تصليح
الأضرار المتحققة لشركة التأمين ويتم تسوية التعويض اعتمادًا على قوائم
التكاليف. وقد تلجأ شركة التأمين إلى
مسوّي خسائر محترف للكشف الموقعي على الأضرار ومن ثم العمل على تسوية المطالبة بالتعويض.
إذا كان مبلغ التأمين المثبت في وثيقة التأمين عند وقوع الضرر أقل من
القيمة الحقيقية للأموال المؤمن عليها فإن مبلغ التعويض يخضع لما يُعرف بشرط
النسبية أو شرط المعدل average clause ويقضي هذا الشرط بتخفيض مبلغ
التعويض نسبيًا ويعتبر المؤمن له مؤمِنًا على الفرق بين التعويض الكامل والتعويض
النسبي الذي يعكس مبلغ التأمين الناقص.[3]
وهل يجوز الحصول على تعويض يتجاوز مبلغ الضرر الفعلي؟
لا يجوز الحصول على تعويض يتجاوز مبلغ الضرر الفعلي لسببين. الأول، إن تجاوز مبلغ الضرر الفعلي يعني تحقيق
المؤمن له ربحًا من خلال التأمين، وهو ما يناقض مبدأ التعويض. إن عقد التأمين لا يمكن أن يكون وسيلة لتحقيق
الربح وإلا تحولّ إلى عقد مضاربة يمكن أن يكون مصدرًا للربح أو الخسارة كما هو
الحال في الاستثمار في الأدوات المالية، وليس عقد تعويض من الخسارة التي تلحق
المؤمن له. هذا هو الحال في عقود التأمين
كافة باستثناء عقود التأمين على الحياة والحوادث الشخصية، مع تكييفات محددة لعقود
التأمين القائمة على أساس القيمة الاستبدالية في التأمين على الممتلكات.
السبب الثاني، هو أن التأمين قائم على مبدأ مُضمر أساسه التعاون والتكافل
بين جمهور المؤمن لهم. لذلك فإن حصول أحد
أفراد هذا الجمهور على تعويض يتجاوز مبلغ الضرر الفعلي الذي لحق به هو انتقاص من
إسهامات جمهور المؤمن لهم في صندوق التأمين الذي تديره شركة التأمين. بعبارة أخرى، إن الزيادة في مبلغ التعويض يكون
على حساب مجموع المؤمن لهم وهو ما يتنافى مع العدالة في توزيع الأموال المتجمعة في
الصندوق على الأفراد المتضررين.
يُمثل مبلغ التأمين السقف الأعلى للتعويض.
ففي حال التنازع بين المؤمن له وشركة التأمين على كفاية مبلغ التعويض لجبر
الضرر المادي ولجوء المؤمن له للتحكيم أو المحاكم فإن أقصى ما يحصل عليه المؤمن له
هو مبلغ التأمين المثبت في وثيقة التأمين (وذلك ل، قسط التأمين مستوفى اعتمادًا
على هذه المبلغ الذي صرّح به المؤمن له عند بدء التأمين).
هناك اعتبارات أخرى تدخل في تحديد مبلع التعويض عن الضرر الأدبي وخاصة في
وثائق التأمين من المسؤولية التقصيرية أو التعاقدية. ويرد في القانون المدني العراقي (مادة 205)
الآتي:
1 – يتناول حق
التعويض الضرر الادبي كذلك فكل تعد على الغير في حريته او في عرضه او في شرفه او
في سمعته او في مركزه الاجتماعي او في اعتباره المالي يجعل المتعدي مسؤولاً عن
التعويض.
ومن المعروف أن المحاكم الأمريكية لها قرارات صارمة بهذا الشأن وتقضي
بتعويض المضرور بمبالغ كبيرة.
السؤال الثالث: يدور الحديث في العراق بعد 2003 عن التحول الى اقتصاد السوق
وتقليص دور الدولة في الحياة الاقتصادية. السؤال:
ما دور التأمين في توفير المعاش التقاعدي في العراق؟
التحول إلى اقتصاد السوق وتقليص الدور الاقتصادي للدولة هو من البرامج التي
تنشط المؤسسات المالية الدولية والدول الغربية التي تقدم "المساعدات" في
ترويجها وتكريس الكتابات لها وتطبيقها من خلال اشتراطات محددة. وما تشجيع العراق للوقوع في فخ المديونية
لصندوق النقد الدولي وغيره إلا آلية لدفع العراق باتجاه التحول إلى اقتصاد السوق
وتقليص دور الدولة. والمحاولات المستمرة لتصفية
القطاع العام هي جزء من هذه البرامج، وكذا الأمر بالنسبة لإدخال نظام للتأمين
الصحي بديلًا لنظام صحي وطني شامل.
التبريرات التي تُقدّم بهذا الشأن أن معاش التقاعد الذى يتقاضاه المواطن
بعد الوصول لسن المعاش من الدولة ليس كافيًا للإبقاء على المستوى الذي كان عليه
قبل التقاعد؛ وأن الدولة لا تستطيع الاستمرار في تمويل معاشات التقاعد لمن
يستحقها. يضاف إلى ذلك دعوى أن ميزانية
الدولة لا تكفي لتمويل نفقات ما بعد التقاعد والمرتبطة بالتقدم في العمر والطلب
المتزايد على الخدمات الصحية والادوية.
ومن هنا ينشأ مشروع إدخال نظام تكميلي لنظام التأمينات الاجتماعية، وهي
أصلًا ضعيفة، من خلال السوق. ماذا يرمي
إليه هذا النظام الذي يمكن شراء عناصره من السوق من مؤسسات تستهدف تحقيق الأرباح؟
إن الهدف الأساس من المعاش التقاعدي التجاري هو توفير دخل لمدى الحياة يتخذ
شكل معاش شهري annuity أو ما يعرف بالسَناهية، و/أو رأس
مال، بشكل مبلغ نقدي مقطوع cash lump sum لا يعتبر دخلًا لأغراض الضريبة لكن حجمه يخضع لضوابط الدولة، لمن
بلغ سن التقاعد. ويتم ذلك من خلال شركات
التأمين على الحياة والشركات المتخصصة في بيع المعاشات الشهرية.
في الدول الغربية، والآن في بعض الدول العربية، يجري العمل على توفير نظام
معاش إضافي للعاملين، مُكمّل للتقاعد الذي توفره الدولة، من خلال تعاقد رب العمل
مع شركة تأمين تقوم بتصميم وثيقة تأمين حياة جماعي توفر معاش التقاعد لمن بلغ من
المشتركين في الوثيقة[4] سن
التقاعد أو من خلال مبلغ التأمين الذي يستحقه المؤمن له المشترك/المشتركة عند وقوع
حادث غير متوقع للمؤمن عليه (كحالة الوفاة).
مثل هذا النظام يخضع لتقلبات السوق ذلك لأن شركات التأمين وصناديق التأمين
والمعاشات تقوم بتوظيف إسهامات العاملين التي تديرها في الأسواق المالية وفي
استثمارات مختلفة، وكلها عُرضة للتقلبات/الأزمات التي تطرأ على النظام الرأسمالي
بين فترة وأخرى.
من بين المشاكل الأخرى هو أن أنظمة التقاعد التي تنظمها الشركات للعاملين
لديها كانت في الماضي تقوم على أساس إسهامات العاملين فيما يعرف بتحديد مسبق
للمنافع للمشتركين عند التقاعد defined benefits إلا أن هذا النظام، الذي يعمل لصالح المتقاعدين رغم التقلبات،
استبدل بنظام تحديد إسهامات المشاركين defined contributions بحيث صار حجم التقاعد غير معروف بالنسبة للمشترك إذ عليه عند
بلوغه سن التقاعد اللجوء إلى إحدى شركات التأمين أو شركات التقاعد لشراء معاش التقاعد
باستخدام ما تجمّع له من إسهاماته في صندوق التقاعد الذي يوكل رب العمل إدارته
واستثماره لشركة تأمين متخصصة (هذا الاستثمار يخضع لتقلبات السوق صعوداً ونزولًا
مما يعني أن قيمة إسهامات المشترك في برنامج التقاعد يكون عرضة للتقلبات. ونظرًا للتعقيد المرتبط بالأشكال المختلفة
للمعاشات التقاعدية المتوفرة في السوق مما يُصعّب على المتقاعد الاختيار بينها فقد
برزت الحاجة لدور الاستشاري المالي، الذي قد يكون فردًا أو شركات متخصصة، يعمل
لقاء أجر.
المختصون بأنظمة التقاعد في الغرب يؤكدون على أربع "دعامات"
متمايزة لهذه الأنظمة وهي:
• الدعامة 1: نظام إلزامي تديره الدولة (يقوم على استخدام الاشتراكات
الحالية لدفع المعاش التقاعدي ويُمول عن طريق ضريبةٍ تفرض على الرواتب). وهو مصمم في العادة لتقليل الفقر بين كبار
السن.
• الدعامة 2: أنظمة التقاعد المرتبطة بالوظيفة والممولة من أرباب العمل
أو الموظفين. وهذه الأنظمة تكون بمنافع
محددة أو بمساهمات محددة، و
• الدعامة 3: المدخرات الشخصية الاختيارية عن طريق حسابات التقاعد أو
شراء السناهيات والتأمين.
لقد أدخلت جمعية جنيف The Geneva
Association تطويراً يتعلق بدعامة رابعة لتمويل التقاعد إضافة إلى دعامات
توفير المدخرات الثلاث المعروفة. وتجد هذه
الدعامة مبرر وجودها في إمكانية أن يكون لدى كثير من الناس القدرة على العمل
والرغبة بذلك وهم في سن متقدمة. وهي بذلك
تساهم مالياً في أنظمة التقاعد القائمة بتوفير دخل إضافي لأولئك الذين هم في سن
التقاعد ومن خلال استبدال التقاعد الكامل بالتقاعد الجزئي لعدد معلوم من السنوات.[5]
يبدو لي أن الأزمة المالية للدولة الحديثة، في كل العالم، حقيقية وليس هناك
علاج سحري إلا من خلال تغيير جذري لما هو قائم.
وحتى يحين التغيير ستلعب مؤسسة التأمين، بمختلف أشكالها، دورًا في أنظمة
التقاعد. بالنسبة للعراق فإن شركات
التأمين القائمة لا تمتلك الأدوات الفنية والمعرفية لاستكمال نظام التقاعد الذي
توفره الدولة. وليس هناك ما يشير إلى أن
بعض هذه الشركات قام أو سيقوم بدراسة أطروحة استكمال التقاعد الحكومي من خلال
التأمين.
السؤال الرابع: يلاحظ تزايد
الاخطار تبعا للتطور التكنولوجي السريع. ما هو دور التأمين في توفير الامن والامان
الاجتماعي؟ هل تتفضلون بإلقاء الضوء على التأمين
الاجتماعي والتعاوني والتأمين التجاري والتأمين على التلوث البيئي والتأمين على
الموارد البشرية، وباختصار ان امكن؟
لقد كانت مؤسسة التأمين، تاريخيًا، مواكبة للتطورات الاقتصادية
والتكنولوجية. ولم يكن أحد المؤرخين
المختصين بصناعة التأمين في بريطانيا، روبن بيرسون، مجافيًا للحقيقة عندما نشر
كتابًا بعنوان Insuring the Industrial Revolution: Fire Insurance in Great Britain,
1700-1850.[6] أي تأمين
الثورة الصناعية في بريطانيا في القرن التاسع عشر. وفي زماننا فإن التطورات التي ارتبطت بأبحاث
وتكنولوجيا الفضاء الخارجي، وتكنولوجيا المعلومات، وتطوير الأدوية والعلاجات
الطبية وغيرها لم تكن لتحصل لولا الحماية التي توفرها مؤسسة التأمين. وقد قال أحد ممارسي التأمين في بريطانيا أن
التأمين هو الحمض النووي للرأسمالية، فبدونه لا يمكن للنظام أن يعمل بسلاسة.
وإذا كان هذا هو الحال في الجانب العلمي
والتكنولوجي وتطبيقاته، فإن التأمين لم يكن بعيدًا عن التأمين الاجتماعي
والتعاوني والتأمين على التلوث البيئي والتأمين على الموارد البشرية. لم يشهد العراق مثل هذا الدور في التأمين وحتى
الدول العربية الأخرى فإنها بعيدة عن لعب هذا الدور ما خلا التطورات الجديدة التي
بدأت في الظهور في بعضها في المجالات التي ذكرتها، وخاصة في مجال التأمين الصحي
والتأمين الاجتماعي (أنظمة التأمين الخاصة بالمعاشات التقاعدية).
هناك مجالات معينة يلعب فيها التأمين دورًا
تكميليًا في جميع أنحاء العالم وحتى الولايات المتحدة الأمريكية، قلعة
الرأسمالية. فالدولة هنا، وهي رب العمل الأكبر،
توفر الحدود الدنيا من الأمن الاجتماعي والصحي لتكملها شركات التأمين وبشكل
واسع. فالحماية الصحية من خلال التأمين
التجاري متوفرة للعاملين طالما كانوا مستخدمين، وما يصيبهم من حوادث أثناء العمل
تتحمل شركات التأمين تكاليفها من خلال وثائق تأمين إصابات العمل.
لقد لعبت التنظيمات التعاونية وشركات
التأمين التبادلية منذ القرن التاسع عشر دورًا مهمًا في توفير أشكال مختلفة من
التأمين إلى جانب شركات التأمين الأخرى.
فالحركة التعاونية في بريطانيا كانت لها شركة تأمين توفر أشكالًا من
التأمين لأعضائها، وساهمت في الاكتتاب بما يعرف في أدبيات التأمين العربية
بالتأمين الشعبي industrial life insurance
لتوفير تأمين على الحياة ومصاريف الدفن للعمال ولذوي الدخل الصغير لقاء أقساط
تأمين زهيدة يقوم بجبايتها أعداد كبيرة من العاملين من المؤمن عليهم في بيوتهم أو
أماكن عملهم. وقد توقف هذا النمط من
التأمين في بريطانيا.
التأمين على التلوث البيئي ينطوي على
إشكاليات، فقد ظل لسنوات عديدة خارج التغطية التأمينية، ثم صار التأمين عليه مشروطًا
بوقوع حادث عرضي يؤدي إلى التلوث، أي أن التلوث الذي يحصل تدريجيًا لا يكون
موضوعًا للتأمين، لأن مثل هذا التلوث يمكن التحوط منه باتخاذ إجراءات الصيانة
المختلفة وإدارة أخطار المنشأة. وفي الوقت
الحاضر هناك شروط مختلفة للتأمين على التلوث الصناعي.
لا أدري ما الذي يدور بذهنك في السؤال عن تأمين
الموارد البشرية. في ظني انه التأمين
على العاملين والعاملات في أماكن العمل من تعرضهم للإصابات أو المرض، والتأمين على
الأطراف الثالثة (زوار أماكن العمل)، وتوفير التأمين الصحي (يعتبر قسط التأمين
الذي يسدده رب العمل لتأمين كل عامل دخلًا له ولذلك قد يكون موضوعًا للضريبة على
دخل العامل في بريطانيا).
طلبت في هذا السؤال أيضًا إلقاء الضوء على التأمين
التجاري. ليس واضحًا ما ترمي إليه من
هذا السؤال ولكني اجتهد وأقول إن التأمين التجاري commercial
insurance هو مصطلح عام يشمل أشكالًا
مختلفة من الحماية التأمينية للشركات.
يمكن للشركات شراء وثائق تأمين منفصلة لتأمين المسؤولية المدنية العامة،
تأمين مسؤولية المدراء وكبار الموظفين، تأمين مسؤولية رب العمل، تأمين إصابات
العمال، تأمين الممتلكات المادية وخسارة الأرباح الناشئة عن توقف العمل بسبب حادث،
تأمين اسطول السيارات العائدة للشركة، التأمين السيبراني وغيرها. أو يمكن تجميع عدة أغطية تأمينية في وثيقة
تأمين واحدة package insurance policy تصمم
من قبل وسيط تأمين مختص وبالتعاون مع دائرة إدارة الخطر لدى الشركة طالبة التأمين.
ربما أردت من السؤال تأكيد اختلاف التأمين
التجاري، باعتباره نشاطًا يستهدف الربح، عن التأمين الذي لا يقوم على مبدأ الربح،
وهو ما يميز جمعيات الأخوة friendly societies ودفن الموتى وصناديق الإغاثة وجمعيات العمال/الأصناف
الحرفية للتأمين التبادلي – المعروفة منذ الأزمنة القديمة.[7]
السؤال الخامس: كيف يتم تحديد قسط التأمين تبعا لنوع الخطر علما بأن هناك
اخطار ثابتة واخرى متغيرة فكيف يتم تحديد قسط التأمين تبعا لنوع الخطر؟
في النظرية التقليدية يتحدد السعر في السوق بقوى العرض والطلب. لكن محددات السعر/قسط التأمين أعقد من
ذلك. فالسعر هنا، حسب بعض المصادر، هو
وظيفة لتكاليف الإنتاج، فكلما استطاعت شركة التأمين تقليص تكاليفها كلما استطاعت
تخفيض أسعارها. تضم هذه التكاليف الآتي: تكلفة
الخسائر (التعويضات) ونفقات تسويتها، مصاريف الحصول على أعمال
التأمين، النفقات الإدارية، الضرائب، وهامش الربح وبناء الاحتياطيات.[8] وتقول مصادر أخرى أن السعر
الحقيقي للتأمين يمثل زيادة الأقساط عن الخسائر المتوقعة، وأنه "من الشائع في الأدبيات استخدام نسبة حجم الأقساط إلى إجمالي مدفوعات
التعويض كمؤشرات للأسعار على مستوى الشركة والصناعة."[9]
وهناك نماذج اكتوارية لتحديد سعر التأمين السنوي لخطر نمطي من قبل شركة
تأمين قائمة (أي ليست جديدة) تأخذ بنظر الاعتبار بيانات مختلفة تضم 115 عنصرًا).[10]
قد تلجأ شركة التأمين إلى استعارة الأسعار من شركة تأمين أخرى، أو تلجأ إلى
بناء الموديلات الاكتوارية لوضع الحدود الدنيا لأسعار أنواع معينة من الأخطار
كالفيضانات والأعاصير وتراكم الخسائر نتيجة حادث واحد، وقد تعتمد على معيد التأمين
لتزويدها بدليل تسعير لبعض فروع التأمين، كما كانت تفعل شركة التأمين الوطنية
بالنسبة لفرع التأمين الهندسي.
وقد تقوم شركة التأمين بتصنيف الأخطار/المؤمن لهم إلى مجموعات تطبق عليها
أسعارًا محددة تبعًا لعوامل عديدة تؤثر على تكرار frequency وحدة severity الخطر المؤمن
منه.
لو أخذنا التأمين على السيارات كمثل فإن قسط التأمين يتحدد بجملة اعتبارات
ومنها: عمر السائق ومهنته، وسجله المروري السابق (عدد الحوادث والمطالبات الناشئة
عنها، والمخالفات المسجلة ضده)، قيمة السيارة، سنة الصنع، طرازها، وأغراض استعمال
السيارة (شخصية أو تجارية)، ونوع الغطاء التأميني (تأمين المسؤولية المدنية تجاه
الغير و/أو التأمين التكميلي/الشامل، التغطيات الإضافية التي قد يطلبها المؤمن له
(كتوسيع النطاق الجغرافي لوثيقة التأمين)، إضافة التأمين، عدد سنوات عدم المطالبة
بالتعويض (مصدر لخصم نسبة من قيمة القسط السنوي).
في التأمين الرقمي للسيارات من خلال المنصات الإلكترونية يكون تحديد
الأسعار آنيًا بعد تعرّف شركة التأمين أو من يمثلها على الاعتبارات الأساسية
الضرورية للاكتتاب.
السؤال السادس: كيف يتم تحديد تأمين المسؤولية ضد حوادث السيارات في حين لا
يوجد تواجد مادي وقت ابرام عقد التأمين؟
ابتداءً أقول بأن المسؤولية تتأسس، حتى في غياب العقد، بفضل الاجتماع
البشري، بمعنى أن الإنسان عليه واجب الرعاية/العناية بالغير duty of
care to others. ولهذا يتعين على لمرء التصرف بحرص كي لا يتسبب
بإلحاق الأذى بالغير.
تنشأ المسؤولية بقوة القانون، كالتأمين الإلزامي للمسؤولية المدنية الناشئة
من حوادث السيارات أو مسؤولية رب العمل. أو تنشأ المسؤولية بالتعاقد كما في العقود
الإنشائية الهندسية. و "لا تختلف
المسؤولية العقدية في أركان قيامها عن المسؤولية التقصيرية، وهي صدور خطأ عن أحد
طرفي العقد يتمثل بالإخلال بالالتزامات المترتبة عليه، وإصابة الطرف الثاني بضرر
بسبب هذا الإخلال وقيام علاقة سببية بين الإخلال والضرر."[11]
في وقت ما كانت المسؤولية الناشئة من حوادث السيارات في بعض البلدان
العربية غير محددة بمبلغ أعلى. إلا أن هذا
الوضع تغيّر بسبب تدني أسعار تأمين هذه المسؤولية (المقررة من المُشرّع) وتزايد
عدد الحوادث ومبالغ التعويض العالية التي كانت تقرّها المحاكم، وهو ما أثَّر على
عدم كفاية صندوق الأقساط المتجمعة لهذا الفرع للتعويض وبالتالي أثر على المكانية
المالية لشركة/شركات التأمين وعلى توفر حماية إعادة التأمين. لعبت شركات إعادة التأمين دورًا مهمًا في تغيير
هذا الوضع من خلال سحبها للدعم الذي كانت تقدمه لشركات التأمين المباشر التي تكون
حدود المسؤولية في وثائقها مفتوحة. لذلك
عمدت شركات التأمين إلى الطلب من المُشرّع إعادة النظر بأسعار تأمين المسؤولية وترك
الحرية لشركات التأمين لتحديد السعر المناسب وتحديد سقف أعلى للمسؤولية.
وهكذا صار موضوع تحديد المسؤولية المدنية الناشئة من حوادث السيارات خاضعًا
للاتفاق بين طالب التأمين وشركة التأمين.
ونعرف بأن تأمين هذه المسؤولية في العراق ومنذ سنة 1980 صار قائمًا بقوة
القانون إذ لم يعد هناك ضرورة لإثبات الخطأ والضرر الناشئ عنه كي يتأسس التعويض،
فقد أنشأ هذا القانون علاقة قانونية ما بين المؤمِن والمؤمن له بدلًا من العلاقة
العقدية (اعتماد أطروحة تحمّل التبعة في المسؤولية كأساس لالتزام المؤمِن بدفع
التعويض).
وقد شهد تاريخ تطبيق قانون التأمين الإلزامي للمسؤولية المدنية الناشئة من
حوادث السيارات رقم 52 لسنة 1980 يعض المفارقات تمثلت بقيام بعض المحامين، وعلى
غرار ما وصفته في مقال قديم لي بـ "متتبعي سيارات الإسعاف" على الطريقة
الأمريكية، بالمبالغة في المطالبة بمبالغ التعويض لصالح الطرف الثالث المتضرر من
حادث السيارة. وهو ما حدى بشركة التأمين
الوطنية، المُلزمة بإدارة صندوق التأمين الإلزامي على السيارات، بتشكيل لجان تقدير
تعويضات التأمين الالزامي من حوادث السيارات كي لا تكون مطالبات التعويض موضوعًا لانتفاع
بعض المحامين. فقد "صدر قرار مجلس
قيادة الثورة رقم 815 بتاريخ 20/6/1982 بمبادرة من شركة التأمين الوطنية تضمن
تشكيل لجان خاصة في شركة التأمين الوطنية برئاسة قاضي من الصنف الثاني يختاره وزير
العدل وعضوية موظف من شركة التأمين الوطنية حاصل على شهادة بكالوريوس في القانون
يختاره وزير المالية وموظف من المؤسسة العامة للرعاية الاجتماعية حاصل على شهادة
جامعية يختاره وزير العمل والشؤون الاجتماعية تختص في تقدير التعويض وفق احكام
قانون التأمين الالزامي رقم 52 لسنة 1980."[12]
السؤال السابع: هل بالإمكان إلقاء بعض
الضوء على وظائف اعادة التأمين وعلاقتها بالرقابة؟ وهل لشركات اعادة التأمين حق الاطلاع على سجلات
المومن مباشرة والمتعلقة بعمليات اعادة التأمين؟ وهل ان اعادة التأمين اختياري ام اجباري وملزمة
لشركات التأمين؟
سأحاول الإجابة على هذا السؤال المركب باختصار من خلال الملاحظات التالية.
وظائف إعادة التأمين
يمكن حصر وظائف/منافع إعادة التأمين، فيما يخص العلاقة مع شركات التأمين
المباشر (الشركات المُسندة) بالآتي:[13]
- تصحيح الانحراف في
التوقعات الإحصائية للأضرار لشركة التأمين، المعروف في أدبيات التأمين العربية
والأجنبية.[14] وقد ينشأ مثل هذا الانحراف لسوء التقدير، كرسم
سيناريوهات الكوارث الطبيعية غير المتوقعة ومشاهد الخسارة القصوى، وتراكم الخسائر.
أي أن إعادة التأمين تساعد في تحقيق توازن
محافظ شركات التأمين المباشر.
- تحرير رأسمال
الشركة المسندة من أعياء تحمّل أخطار ربما تؤثر على سلامة رأس المال كي تستطيع
الاكتتاب بمزيد من أعمال التأمين، بما في ذلك الاكتتاب بمنتجات تأمينية جديدة، دون
تغيير حجم رأسمالها، وذلك لأن الشركة المسندة تستطيع بفضل إعادة التأمين تحويل عبء
هذه الأعمال إلى معيدي التأمين. وتمتد هذه
الوظيفة/المنفعة لتشمل اكتتاب الشركة المسندة بأخطار تفوق أقيامها على قدرتها
الاحتفاظية.
- مساعدة الشركة
المسندة فنيًا في تقييم الأخطار والاكتتاب بها وفي صياغة عقود التأمين وخاصة عقود
تأمين الأخطار الكبيرة التي غالبًا ما تكون موضوعًا لإعادة التأمين
الاختياري. مساعدة الشركة المسندة أيضًا
في مجال التعامل بكفاءة مع المطالبات الكبيرة من خلال الكشف الميداني الهندسي على
مواقع الأضرار وفي تحليل ودراسة مكونات المطالبة بالتعويض وتسويتها.
إلقاء بعض الضوء على وظائف اعادة التأمين وعلاقتها بالرقابة
ليس واضحًا ما هو المُضمر وراء العلاقة بين وظائف إعادة التأمين، التي أتيتَ
على ذكر بعضها، والرقابة. أفترض هنا أن
المعني بالرقابة هي الوظيفة التي تقوم بها هيئات الإشراف والرقابة على النشاط
التأميني بما في ذلك نشاط إعادة التأمين.
هذه الهيئات معنية بالنشاط داخل أوطانها، أي أن الوظيفة الرقابية لا تمتد
لتشمل شركات إعادة التأمين في الخارج فهذه هي خارج ولاية اختصاص هذه الهيئات.
ومع هذا يمكن لهيئة الرقابة أن تمارس دورها الرقابي على شركات التأمين
المباشر (الشركات المسندة) العاملة في أوطانها للتأكد من أن هذه الشركات تتعامل مع
شركات إعادة تأمين عالمية تتمتع بتصنيف ائتماني جيد وبقدرة مالية جيدة للوفاء
بالتزاماتها. وبذلك لا تتعرض مصالح
الشركات المسندة لأضرار عدم وفاء المعيدين.
وهل لشركات اعادة التأمين حق الاطلاع على سجلات المؤمِن مباشرة والمتعلقة
بعمليات اعادة التأمين
نعم، يحق لشركات إعادة التأمين، خاصة إعادة التأمين الاتفاقي، الاطلاع على
سجلات المؤمن (شركة التأمين المباشر أو ما يصطلح عليها باسم الشركة
المُسندة). إذ يرد شرط بهذا الشأن في اتفاقيات إعادة التأمين،
ويرد ما يماثله في تعليمات شركة إعادة التأمين العراقية.[15] ويقوم هذا الحق على تأكد المعيد بأن الشركة
المسندة لا تخفي التصريح ببعض الأخطار التي تحتفظ الشركة بأقساطها، أو التأكد من
صحة البيانات المقدمة بشأن بعض مطالبات التعويض.
هل ان اعادة التأمين اختياري ام اجباري وملزمة لشركات التأمين؟
ما لم يكن هناك تشريع محدد بهذا الشأن فإن شركة التأمين المباشر يمكن أن
تلجأ إلى إعادة التأمين لحماية محافظها التأمينية بمحض إرادتها أو تمتنع عن إعادة
تأمين هذه المحافظ وتلجأ إلى مواردها المالية بما في ذلك رأسمالها في تمويل ما
تتعرض لها من خسائر. قد يبدو هذا غريبًا
لكن بعض شركات التأمين العالمية الكبيرة تقوم ببعض من وظيفة إعادة التأمين داخليًا
والاكتفاء بشراء إعادة التأمين لمحافظ تأمين معينة أو لأخطار ذات طبيعة كارثية
يمكن أن تزعزع مكانتها المالية وتضعف من قدرتها على الوفاء بالتزاماتها.
ولكن في العادة، وجريًا وراء المبدأ الذي ينتظم آلية التأمين، أي توزيع عبء
الخطر الذي يصيب القلة على مجموع المشاركين، من خلال الأقساط، في صندوق التأمين،
فإن شركات التأمين تقوم بتحويل هذا العبء أو بعضه لمعيد التأمين. ومن المعروف أن شركات التأمين الجديدة أو
القائمة لا تفكر في مسألة اختيار إعادة التأمين من عدمه، إذ بدون حماية إعادة
التأمين فإنها تعرض مصيرها للخراب.
[1] بهاء بهيج شكري، النظرية العامة للتأمين (بغداد: مطبعة المعارف،
1960)، ص 70.
للتوسع في عرض مفهوم رصيد التغطية، راجع:
مصباح كمال، "رصيد التغطية في التأمين ما بين بهاء بهيج شكري وبديع أحمد
السيفي،" موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:
[2] بهاء بهيج شكري، المعجم الوسيط في مصطلحات وشروط التأمين،
إنجليزي-عربي، الجزء الأول، (عمان: دار الثقافة، 2016)، ص 755.
[3] للمزيد من التفاصيل، راجع: منعم الخفاجي، مدخل لدراسة التأمين (بيروت: منتدى المعارف، 2018)، ص
41-42.
[4] يترك للعاملين في المملكة المتحدة حرية الاشتراك في الوثيقة ودفع الأقساط
المستحقة أو عدم الاشتراك.
[5] باتريك ليدتكي، كي-أوري شانز (تحرير)، ترجمة:
تيسير التريكي ومصباح كمال، التخطيط للتقاعد: التحديات والحلول، (بيروت:
منتدى المعارف، 2015)، ص 100، 102.
[6] مقالات ومراجعات حول الخطر والتأمين، ترجمة وإعداد مصباح كمال، تحرير تيسير التريكي،
(بيروت: منتدى المعارف، 2019)، الفصل الرابع عشر، ص 171-175.
[7] مقالات ومراجعات حول الخطر والتأمين، مصدر سابق.
على سبيل المثل، الفصل الثاني عشر: التأمين التبادلي: 1550-2015: من رفاهة
النقابات وجمعيات الأخوة إلى شركات التأمين المتناهية الصغر، ص 159-166
[8] Emmet J Vaughan and Therese Vaughan, Fundamentals of Risk and
Insurance, 8th ed. (New York: John Willey, 1999), p 85-86.
[9] Peter Zweifel and Roland Eisen, Insurance Economics (Berlin:
Springer, 2012), p 9.
[10] B Benjamin, General Insurance, (London: Heinemann, 1977), Ch. 7,
The Office Premium.
[11] بهاء بهيج شكري، التأمين من المسؤولية في النظرية والتطبيق، (عمان:
دار الثقافة، 2010)، ص 98.
[12] فؤاد عبد الله عزيز، ثلاثة عقود في شركة التأمين الوطنية، مخطوطة
كتاب بانتظار النشر.
[13] Swiss Re, Understanding Reinsurance: How Reinsurers Create Value and
Manage Risk, (Zurich: Swiss Re, 2004).
[14] راجع على سبيل المثل:
John H. Magee, General
Insurance (Chicago: Richard D Irwin, 3rd revised printing
1945. First published in 1936), p 60-61.
G. W. de Wit,
“Sources of Funds and Estimation of Reserves,” Ch. 15 in Stephen Diacon,
editor, A Guide to Insurance Management, (London: Macmillan, 1990), pp
245-265
[15] راجع: عدنان أحمد ولي، عقد إعادة التأمين: دراسة قانونية مقارنة،
(بغداد: مطبعة المعارف 1982)، ص 182-183.
تعليقات
إرسال تعليق