إيرادات المستشفيات في خطر - بقلم د.صديق الحكيم 26/7/2018
البداية مع خبر أو معلومة وردتني من مصدر أثق به تفيد
فسخ التعاقد بين مستشفيات كبرى في المملكة العربية السعودية (حكومية وخاصة )
وشركات التأمين الطبى الكبري
ما الذي يدفع صانع القرار في هذه المستشفيات إلى فسخ
التعاقد مع شركات التأمين ؟
الإجابة جاءتني في كلمة واحدة من صاحبي
المرفوضات
سألت صاحبي : معقولة المرفوضات تؤدى إلى فسخ التعاقد
رغم أن مدفوعات شركات التأمين تمثل موردا هاما للمستشفيات
قال صاحبي : ولم لا إذا كانت المرفوضات تصل في بعض
الأحيان إلى 30 و40% من مبالغ المطالبات المصدرة من المستشفيات إلى شركات التأمين
هذا غير الخصم التعاقدي الذي ربما يصل إلى 30% أو أكثر أو أقل حسب الاتفاق
وبالتالي تكون محصلة ما يفقد من مبالغ المطالبات يتراوح مابين 50 % و 70%
قلت لصاحبي : الخصومات هي ضمن اتفاق مبرم بين طرفي
العقد وكما تعلم العقد شريعة النتعاقدين فلماذا تضعها مع المرفوضات وتحملها لشركات
التأمين
قال صاحبي : هما في الأخير ضمن سعر الخدمة فلو صدرنا
مطالبات بمبلغ مليون ريال فتخيل بعد الخصومات والمرفوضات قد يصلنا 300 أو 400 ألف
ريال فقط
قلت لصاحبي : شركات التأمين الطبي لديها حجة قوية في
المرفوضات وهي تلاعب واحتيال المستشفيات في المطالبات وقد قمت بتأليف كتاب في هذا
الموضوع عنوانه "الاحتيال في التأمين الطبي " رصدت فيه أنواع الاحتيال
ونسبته التي تتراوح عالميا حول 25% من قيمة المطالبات
قال لي صاحبي : شركات التأمين عندها بعض حق في هذا
الموضوع لكنها تستخدم هذا الحق كذريعة لفرض مرفوضات كبيرة على مقدمي الخدمات
الصحية تفوق ضعف هذه النسبة رغم أننا لا نملك نسب للاحتيال رسمية ومعلنة وإنما
شركات التأمين تفرض خصم المفروضات لأنها تجاريا لها اليد العليا وتستطيع معاقبة
مقدم الخدمة بأمور كثيرة منها عدم تعميد بوالص
جديدة وبالتالي تتهاوى إيرادات المستشفي من قبل شركة
التأمين
قلت لصاحبي : وما الحل في هذا الموضوع الشائك ؟
قال صاحبي : الحل هو تدخل المجلس وقد أحسن فعلا عندما
أصدر تعميما في 22 يوليو 2018 م يطبق بداية من 1 أكتوبر 2018 م بتنظيم الفترات
لاستلام المطالبات من قبل مقدم الخدمة وكذلك بالنسبة للمرفوضات وتسوية المطالبات
كل ستة أشهر والرفع للمجلس في حالة وجود خلاف بين مقدم الخدمة وشركة التأمين لحل
النزاع في لجنة مخصصة لهذا الأمر
قلت لصاحبي :وهل هذا التعميم يكفي لعلاج هذا الموضوع
قال لي صاحبي : هو بداية جيدة جدا تتبعها خطوات
متتابعة من المجلس إن شاء الله
لكن الأهم من ذلك معرفة الأسباب الجذرية لمشكلة
المرفوضات المرتفعة
قلت لصاحبي وماهي الأسباب الجذرية ؟
أجاب صاحبي : جزء من الأسباب الجذرية هي ممارسات
مخالفة من المستشفيات يجب أن تصحح وتراقب وتتخذ الجهات الرقابية قرارات رادعة بشأنها حتى تنتهي أو تقل إلى أقل
نسبة ممكنة
لكن جزء من الأسباب الجذرية يقع عاى عاتق شركات
التأمين الطبي
اندهشت وقلت كيف ذلك ؟
قال صاحبي هل تعلم أن الخسائر المتكبدة لشركات
التأمين الطبي بلغت 88% في عام 2017 م بعدما كانت 78% في عام 2016 م وهذه النسبة
مرشحة للارتفاع
قلت لصاحبي : ما معني هذه الأرقام ؟
قال لي : هذه الأرقام معناها معاناة شديدة داخل شركات
التأمين الطبي
قلت لصاحبي وما ذنب المستشفيات في ذلك ؟ ربما يكون
ارتفاع هذه الخسائر مرجعه سوء إدارة شركة التأمين الطبي للعمليات داخلها وبالتالي
يجب أن تكون شركات التأمين صادقة مع نفسها وتكون شجاعة في تصحيح الخلل داخلها وإلا
سندخل في دوامة وحلقات مفرغة تنتهي بخسائر كبيرة لشركات التأمين ومرفوضات أعلى
للمستشفيات
وربما يصل الأمر إلى إفلاس شركات تأمين وخروج
مستشفيات من الخدمة وعلى أقل تقدير ستكون إيرادات المستشفيات في خطر كبير لأن
مدفوعات شركات التأمين تمثل نسبة كبيرة وربما تزداد هذه النسبة بعد دخول نموذج
التأمين في إدارة وتمويل الرعاية الصحية
لذا فالموضوع جد خطير ويحتاج تكاتف الجميع حتى يكسب
الجميع لأن الخسارة ستكون على الكل
وفي نهاية اللقاء شكرت صاحبي على هذه المعلومات
القيمة والشرح والتحليل ودعونا الله سويا أن يصلح الأحوال ويجعلنا سببا في
الإصلاح والله الموفق والهادي إلى سواء
السبيل
تعليقات
إرسال تعليق