نعمْ للتقيّد بالتسعيرة الرسمية لأقساط التأمين ضد الغير في موريتانيا - بقلم / محمد ابيهات
لا
يسعنا إلا أن نرحب بهذه الرغبة الأكيدة، والروح الجديدة للامتثال لتعرفة السيارات المعتمدة
رسميا في بلادنا. تلك الرغبة التي تم التعبير عنها أخيرا، من طرف شركات التأمين في
بيان صادر عنها يوم 26 من الشهر الجاري. و إننا لفي غنى عن التأكيد علي أهمية هذا
الإعلان، وعلي ضرورته، إذ يأتي هذا القرار الجماعي في الوقت المناسب، وفي ظرف دقيق
وحرج، لانتشال القطاع من وضعية صعبة يعيشها حاليا.
فمن
ناحية ، عانى الفاعلون أكثر من اللازم ، وهم يروْن انخفاض إنتاجهم ، يومًا بعد يوم
، والتراجع المتواصل في سقف الأقساط، إلي حد الانكماش الحاد والمزمن بسبب التخفيضات
المطبقة بشكل غير قانوني على التسعيرة الرسمية؛ ومن ناحية أخري ، فإن العميل أو
المؤمن له ، وعلي الرغم من التمتع الآني بسعر أرخص، فإنه يعاني هو أيضا، بأثر رجعي،
من أقسى عواقب عدم احترام التسعيرة الرسمية : ألا وهو عدم الحصول على أي تعويض، حين
يأتي اليوم الذي ينبغي أن يحدث فيه التعويض. وحتى الدولة، التي ظلت عائداتها من الضرائب
على عقود التأمين تنخفض باستمرار، كانت هي الأخرى خاسرة
لذلك
كان الجميع يخسر باستمرار، وكانت جميع
الأطراف في حالة متفشية من إغراق السوق، التي كادت تصل إلي حد الإفلاس للجميع، وهو
ما تسببت فيه بعض شركات التأمين، حين غلّبت هاجس احتمال الربح الوشيك علي الرصانة
والتعقل، وهوما أفضي بها إلي شبه انتحار، وتضحية بصناعة التأمين بأكملها مقابل مبالغ
متواضعة؛ لينتهي بها المطاف أخيرا إلي وضع حرج لا يمكنها فيه حتى تلبية نفقاتها الجارية،
ناهيك عن الوفاء بالتزاماتها من حيث التعويض؛ في الوقت الذي يشكل فيه التعويض، -ويجب
أن نتذكر ذلك دائما-، الغرض من إنشاء شركات التأمين أصلا . لذلك، كانت الحالة
جنونية، وخلق ذلك التلاعب بالأسعار حالة من
التأزم لا يمكن تحملها، خانقة، وانتحارية لجميع شركات التأمين.
ودعونا
نذكّر هنا، باختصار شديد، بالحالة الراهنة لسوق التأمين في بلدنا، والتي تتميز، للأسف
الشديد، بما يلي :
1/ الغياب شبه التام لأي شكل من أشكال ثقافة التأمين وعدم الرضا العام
عن مستوى وجودة تعويض المطالبات، بين المواطنين العاديين؛
2/ زيادة كبيرة في عدد شركات التأمين، التي وصلت إلى 15 شركة تأمين،
بالإضافة إلى اثنين (02) من الوسطاء الدوليين الكبار؛
3/ تفشي ممارسات الإغراق ، كما ذكرنا أعلاه ، والتي تصل في بعض الأحيان
إلى مستوى التدهور الحادّ، والتبخيس المُشين لقسط التأمين. وهي الممارسات الكارثية
لفرع تأمين السيارات، الذي لا يزال أهم فرع، إن لم يكن الوحيد، الذي يدرّ أكثر الأقساط
علي شركات التأمين في بلادنا ؛
4/ انعدام الحزم من جانب مديرية الرقابة على التأمين ، التي ، - وبدون
إنكار الدور الذي تلعبه - ، لم يكن بوسعها أن تكون حاسمة في تطبيق العقوبات المنصوص
عليها ؛ على الرغم من تفشي ظاهرة الإغراق.
هذه
الحالة من الغياب التام تقريبا لأي شكل من أشكال ثقافة التأمين ، وانخفاض الإنتاجية
، وعدم وجود إطار مؤسسي وقانوني وعملي مؤات لشركات التأمين ؛ يدعو كل فاعل علي
حدة، لتذكيره بضرورة وإلحاح العمل المشترك، المسؤول، العمل المهني الجاد والنزيه، من أجل الحدّ من ارتفاع المخاطر
المحدقة بالقطاع والتمكّن من ردة فعل تكون في مستوى وحجم التحديات التي تهدد بشكل خطير
صناعة التأمين بأكملها.
والآن
، وفي مواجهة هذه الحالة ، و للعمل علي عكس اتجاه هذا الواقع المؤسف ، ولعلاج وضع كارثي
، ليس هناك أكثر من حل. كلا. وليس هناك خيار آخر، و لامجال للتردد. هناك خيار
واحد، وخيار واحد فقط، وهو الذي ذكر في إعلان الجمعية المهنية لشركات التأمين في موريتانيا،
حيث ورد ما يلي، -وهنا أقتبس حرفيا- :
الجمعية
المهنية لشركات التأمين في موريتانيا، إلي علم كافة المؤمن لهم، ترفع
اعتبارا
من 1 مايو 2018، أن أي تخفيض غير قانوني في التعريفات المعتمدة من قبل الدولة لفرع
تأمين السيارات لم يعد مقبولا من هذا التاريخ، في جميع أنحاء البلاد، وعلي عموم
التراب الوطني.
وتُعتبر
أي شركة لا تلتزم بهذه التعليمات في وضعية غير قانونية، ومخالفة للترتيبات فيما يتعلق
بميثاق الجمعية، والأنظمة المعمول بها؛ مما يعني مواجهتها التدخل اللازم من السلطات
المعنية لاتخاذ العقوبات المنصوص عليها.
لذا،
نطلب من جميع الزبناء تفهما أكبر لهذا القرار، والذي يُعدّ وحده القادر على ضمان التوازن
التقني والمالي اللازمين، لضمان الحصول على تعويض أفضل.
نواكشوط
، 26 أبريل ، 2018
الرئيس
حيمود
بشير كمال ". انتهي الاقتباس.
لا
إشكال هنا. لا لبس ولا غموض في هذا الإعلان. إنه واضح. هي إذا إرادة واضحة وضوح الشمس.
ولكن يبقى التحدي والرهان الأكبر كما يلي : كم من الوقت سيدوم الامتثال لهذا القرار؟
وما هو تأثير ذلك على جودة وسرعة تعويض الضحايا؟
وإذا
كان هناك من تعليق، فيجب أن يكون كالتالي: احرصوا جيدًا، يا ملاّك شركات التأمين، على
هذا القرار المخلَص والمنقذ، الذي اتخذتموه، بإجماع وتناغم وطواعية، وتذكروا دومًا،
أنه باحترام هذا القرار ستتمكنون من مواصلة مزاولة مهنة التأمين. أي فشل ، أي غش ،
سيكون كارثيا. أدنى خدعة ، وسيكون الانتكاس صعبًا. وسيتم ضياع مستقبل مهنتكم بأكمله.
وأنتم
أيها المؤمن لهم، زبناء شركات التأمين، مواطني بلدكم، ومستخدمي الطريق العام،
اعلموا أن أي شركة للتأمين تقبل أن تبيعكم تأمين سيارة بأقل من السعر الرسمي، لا
تقوم إلا بأخذ نقودكم من غير مقابل. ولن يؤدي ذلك إلا لخسارتكم ما تدفعون. نعم،
وببساطة شديدة، تبرير ذلك، أنها لن تكون قادرة على احترام الالتزام الأساسي المقدم
لكم، ألا وهو أن تدفع عوضا عنكم، تعويض الطرف الثالث، ضحية الاستخدام الضار، الذي قد
كنتم سببا فيه باستخدام سياراتكم. وهو ما يُبقي المسؤولية الكاملة عليكم، ويُفرغ
تأمينكم ضد الغير من محتواه.
هذا،
وبعد توضيح ما أسلفنا، علينا جميعًا أن نرحّب، وبحرارة، بولادة الرابطة المهنية لشركات التأمين
في موريتانيا.
يجب
أن يسمح لهذا الكيان الوليد بلعب دوره الكامل، كمنتدى للحوار المُثري، والنقاش
البناء، والتبادل المثمر. ولكي يُتاح ذلك، علينا قبل كل شيء ، التمكين لهذه
الرابطة حتي تصبح إطارا صالحا لاتخاذ القرارات
المشتركة ، وتطبيقها لصالح جميع أعضائها.
لقد
حان الوقت لكي يجتمع جميع الفاعلين في منتدى واحد، وهو ما سيشكل أداة مشتركة للعمل.
هذه
الشركات ، وقد أصبح عددها غير متناسب مع السوق الوطنية، والتي هي اليوم ، أكثر من أي
وقت مضى ، تواجه مجموعة من التحديات المؤسسية والتنظيمية والوظيفية ، ستربح
بالتأكيد من خلال العمل المشترك.
وإذا
كان من الممكن في الماضي مواجهة مثل هذه التحديات بشكل منفصل ، فقد أصبح الوضع لا يسمح
لفاعل واحد، مهما كان وزنه أو حجمه ، أن يعمل بمفرده. لذلك فإن التشاور بهدف رسم إجراءات
مشتركة، أمر أساسي لجميع أعضاء هذه الجمعية ، الذين يجب أن يتحملوا كامل المسؤولية
عن طريق المشاركة الفعالة في اتخاذ وتنفيذ القرارات التي سيقرّونها معا.
ولعلّه
من المفيد هنا، التذكير بأن مهمات هذه الجمعية يجب أن تدور حول المحاور الرئيسية التالية:
1/ تمثيل مصالح المهنة مع محاوريها من جميع الجهات، العامة والخاصة،
والوطنية والدولية.
2/ أن تكون أداة للتشاور مع مختلف الشركاء، سواء الداخليين أو الخارجيين.
3/ القيام بدراسات مشتركة للمشاكل الفنية والمالية والقانونية
للشركات؛ حيث تستند معرفة المخاطر على إجراء دراسات من طرف الجمعية علي أوسع نطاق ممكن
من الملاحظات الإحصائية، مما يعني أنه يجب تجميع إحصائيات التأمين على مستوى السوق
ككل، وتحليلها ماضيا واستشرافيا.
4/ إعلام وتوعية الجمهور
حول أهمية التأمين وضرورته، بمختلف الوسائل، بما في ذلك، موقع على شبكة الإنترنت يجب
إنشاؤه في أسرع وقت ممكن لهذا الغرض. يجب على الرابطة أيضًا المشاركة في النقاشات الاجتماعية
الرئيسية، وإصدار مجلة شهرية متخصّصة.
5/ العمل المشترك، من خلال حملات التوعية حول السلامة الطرقية ، والتي
تتم على مدار العام ، وبوتيرة متفق عليها بين مختلف الشركات الأعضاء.
هذه
هي المحاور الكبرى لمهام منظمة مهنية تحترم نفسها وتريد أن تقود عملاً مشتركًا في مصلحة
جميع أعضائها، ومصلحة المواطن الموريتاني.
أتمنى
أن يحظى هذا الجهاز بدعم الجميع ، حتى يتمكن الفاعلون معا من اتخاذ إجراءات ملموسة
ومجسدة علي أرض الواقع، لتعزيز وتطوير قطاع التأمين في بلادنا ، بما يخدم مصلحة جميع
الشركات الأعضاء ، ولكن أيضا بما يخدم مصالح المؤمن لهم، وتبعا، مصلحة الوطن ككل.
كذلك
بقوة وبقوة هذه الروح الجديدة من العمل
معا ، وهذا الاستعداد الجديد ، التصميم على المضي قدما باتخاذ جميع القرارات التي من
المرجح أن تسهم في تنظيف القطاع والمساهمة في رفع مستوى جميع شركات التأمين الموريتانية؛
سيكون النجاح في انتظار جميع أعضاء الرابطة المهنية لشركات التأمين في موريتانيا.
الطريق
لا يزال طويلا. لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به، والذي يتطلب، في
جملة أمور، التعيين العاجل للأمين العام لهذه الرابطة. ولكن بالفعل، يعد هذا القرار،
من أجل الالتزام الصارم بمعدلات أقساط التأمين علي السيارات، اعتبارًا من 1 مايو 2018،
بداية ممتازة.
حظا
سعيدا، ونجاحا كبيرا، للرابطة المهنية لشركات التأمين في موريتانيا.
نواكشوط،
30/04/2018م.
محمد
يسلم يرب ابيهات.
تعليقات
إرسال تعليق