التأمين دراسة فقهية مقارنة - رجاء بنت صالح باسودان
المقدمة
الحمد
لله والصلاة والسلام على رسوله الأمين ، قائد الغرّ المحجلين ، سيدنا محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين ، أرسله كافة للعالمين ، بشيراً بهذا الدين الذي فيه خير البشر
أجمعين ، دين صالح لكل زمان ومكان ، دين يحتّم على المؤمنين أن يكونوا كالبنيان
يعضد بعضهم بعضاً ، حيث يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم :{... وتعاونوا
على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان...}(المائدة: 2)، لا يأكل أحدهم
مال أخيه بالباطل ، يقول تعالى في كتابه الكريم :{... وَلاَ تَأْكُلُواْ
أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ ...}(البقرة: 188)، وجعل مدار شريعة
الإسلام على حفظ الدين والأنفس والأعراض والأموال والعقول ، وحدّ حدوداً لحفظ هذه
الكليات .
ومن
القضايا الجديدة في المعاملات المالية ، قضية " التأمين " ، فهو من
العقود المستحدثة التي تغلغلت في معظم شئون حياة المسلم ، واعتبرت أمراً أساسياً
في التعامل التجاري المعاصر ؛ لذا كان لا بد من التطرق لهذا العقد ومعرفة حكم
الشرع فيه .
وقد
عرضت أقوال المانعين و أتبعتها بأقوال المجيزين والرد عليها ، ثم قمت بالترجيح
وعرض البديل .
تمّ
تقسيم البحث – بعد المقدمة - إلى فصلين وخاتمة ، كالتالي :
الفصل الأول :وفيه ثلاثة مباحث :
المبحث
الأول : تعريف التأمين ونشأته
المبحث
الثاني : فكرة التأمين وأهدافه وخصائصه
المبحث
الثالث : أنواع التأمين
الفصل الثاني : وفيه
أربعة مباحث :
المبحث
الأول : أدلة المانعين والرد عليها
المبحث
الثاني : أدلة المجيزين والرد عليها
المبحث
الثالث : الترجيح
المبحث
الرابع : عرض البديل الإسلامي
الخاتمة : وفيها
ملخص لما توصّل إليه البحث من نتائج
أسأل
الله العلي القدير أن أكون قد وفقت في عرض الجوانب المتعلقة بهذه القضية الشائكة
"
التأمين " ، وأن ييسر للمسلمين في تعاملاتهم مع مستجدات العصر بما يتناسب
وشريعته الغرّاء .
كما
أسأله سبحانه وتعالى أن يوفق العلماء لخدمة هذا الدين وإعلاء شأنه ورفع كلمته
وهدايتهم إلى الطريق الصواب في كل ما يعترضهم ويجدّ عليهم من أمور تهمّ المسلمين
في دينهم ، إنه وليّ ذلك والقادر عليه . سبحانك رب العزة عما يصفون وسلام
على المرسلين والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا
محمد وعلى آله وصحبه
الفصل الأول : التأمين – أهدافه – خصائصه – أنواعه
المبحث الأول : تعريف التأمين ونشأته
المبحث الثاني : فكرة التأمين وأهدافه وخصائصه
المبحث الثالث : أنواع التأمين
المبحث
الأول : تعريف التامين ونشأته
المطلب الأول : تعريف التأمين
أولاً
: لغةً
ثانياً
: اصطلاحاً
التأمين
كنظام يختلف عن التأمين كعقد [2]، لذلك يميز علماء القانون بين نظام التأمين باعتباره فكرة وطريقة
ذات أثر اقتصادي واجتماعي ترتكز على نظرية عامة ذات قواعد فنية وبين عقد التأمين
باعتباره تصرفاً قانونياً ينشئ حقوقاً والتزامات بين طرفين متعاقدين تطبيقاً
عملياً لذلك النظام . فنظام التأمين في نظر علماء القانون هو نظام تعاقدي يقوم على
أساس المعاوضة ، غايته التعاون على ترميم أضرار المخاطر الطارئة بواسطة هيئات
منظمة تزاول عقوده بصورة فنية قائمة على أسس وقواعد إحصائية [3] .
أما
عقد التأمين وهو الجانب التطبيقي والواقع العملي لفكرة التأمين ونظامه ، وهو
الجدير بالوقوف عنده وإمعان النظر في حقيقته للتعرف على حكم الشريعة الإسلامية فيه
– هو عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه أن يؤدي إلى المؤمّن له أو المستفيد الذي اشترط
التأمين لصالحه مبلغاً من المال أو إيراداً مرتباً أو أي عوض مالي آخر في حالة
وقوع الحادث أو تحقيق الخطر المبين في العقد وذلك في نظر قسط أو أية دفعة مالية
أخرى يؤديها المؤمَّن له للمؤمن [4] .
وتنحصر
عناصر التأمين في : طرفا العقد والخطر المؤمن منه والقسط والمبلغ الذي يدفعه
المؤمن عند تحقق الخطر وكذلك في وجود الإيجاب والقبول من المؤمن له والمؤمن [5] .
المطلب الثاني : نشأته
لقد
ظهر التأمين البحري كأول نوع من أنواع التأمين في القرن الرابع عشر الميلادي في
إيطاليا . فقد تعهد بعض الأشخاص بتحمل الأخطار البحرية التي تتعرض لها السفن أو
حمولتها مقابل مبلغ معين . ثم ظهر التأمين البري ، وكانت أول صورة له هي التأمين
ضد الحريق ، وذلك بعد ما شبّ حريق هائل في لندن عام 1666م ، ثم انتشر بعد ذلك
التأمين وتنوع وشمل جميع نواحي الحياة ، كالتأمين من السرقة ، والتأمين من حوادث
النقل الجوي ، والتأمين على الحياة وغيرها [6] .
ولم
يُعرف التأمين في العالم الإسلامي إلا في القرن المنصرم ، فلم يتعرّض إليه أحد قبل
الفقيه الحنفي " ابن عابدين " [7]، وقد أفتى بعدم جوازه ، فقد ذكر في كتابه
" رد المحتار على الدر المختار " ما نصّه : ( جرت العادة أن
التجار إذا استأجروا مركباً من حربي يدفعون له أجرته ، ويدفعون أيضاً مالاً
معلوماً لرجل حربي مقيم في بلاده يسمى ذلك المال – سوكرة – على أنه مهما هلك من
المال الذي في المركب بحرق أو غرق أو نهب أو غيره ، فذلك الرجل ضامن له بمقابلة ما
يأخذه منهم ، وله وكيل عنه مستأمن في دارنا يقيم في بلاد السواحل الإسلامية بإذن
السلطان يقبض من التجار مال السوكرة ، وإذا هلك من مالهم في البحر شيء يؤدي ذلك
المستأمن للتجار بدله تماماً . والذي يظهر لي أنه لا يحل للتاجر أخذ بدل
الهالك من ماله ؛ لأن هذا التزام ما لا يلزم ) [8] .
المبحث الثاني: فكرة التأمين وأهدافه وخصائصه
المطلب الأول:
الفكرة العامة للتأمين
إن
فكرة التأمين قائمة على الإزالة الجماعية للخطر فيشترك عدد كبير من الناس في إزالة
الضرر الحاصل أو تخفيفه فلا يتحمل شخص واحد تكاليف كبيرة لايستطيع أداءها[9] .
المطلب
الثاني : فكرة التأمين في الإسلام
لقد
دعا الإسلام إلى التعاون بين الناس وبذل التضحيات على أساس من التبرع لا
المعاوضة [10]، يقول تعالى في كتابه الكريم:{... وتعاونوا على البر والتقوى
ولا تعاونوا على الإثم والعدوان...} (المائدة: 2)، ولمّا كانت فكرة
التأمين تدور حول اشتراك الجماعة في إزالة الخطر ، كان الإسلام سباقاً إلى تنظيم
هذه الفكرة ، ومن تلك الأنظمة:
1) نظام
كفالة الغارمين :
الغارمون
هم المدينون لمصلحة خاصة كالإنفاق على أنفسهم أو لمصلحة عامة كالإصلاح بين
المتخاصمين [11]، فنزل بهم ضرر فادح لا يستطيعون رفعه ، ويزال عنهم هذا الضرر بما
يدفعه الأغنياء من مال الزكاة تضامناً معهم [12] .
2) نظام
كفالة الفقراء والمساكين :
3) نظام
العاقلة :
العاقلة
هم أهل نصرة الرجل من رجال قبيلته أو أهل نقابته ، وهذا النظام يقضي بتوزيع دية
القتل الخطأ على عائلة القاتل . وقد نظم الرسول - صلى الله عليه وسلم -
المجتمع الإسلامي في المدينة بعد الهجرة تنظيماً وتضامنياً [14].
فقد قال عليه الصلاة والسلام : "المهاجرون من قريش على ربعتهم – أي على
حالتهم القديمة – يتعاقلون بينهم ، والأنصار على ربعتهم يتعاقلون .... "[15] .
4) نظام
كفالة أبناء السبيل :
5) نظام
النفقات بين الأقارب :
6) نظام
التكافل الاجتماعي :
ويكون
بين أبناء الحي الواحد والبلد الواحد ، كما كان يفعل الأشعريون ، حيث كانوا إذا
أرملوا أو قلّ طعامهم جمعوه في صعيد واحد واقتسموه فيما بينهم بالسوية .
فلما علم بهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - امتدحهم [18] .
المطلب
الثالث : أهداف التأمين
يهدف
التأمين – بالمعنى السابق – إلى عدة أمور ، منها :
3) توفير
الأموال وادخارها ، فالمشترك في نظام التأمين يدفع اشتراكاً شهرياً بسيطاً يكون
بمجموعه ذا أثر كبير عند وقوع الخطر [21] .
المطلب
الرابع : خصائص عقد التأمين
1) عقد
من العقود الرضائية ، يتم باتفاق المتعاقدين وهو لا يثبت عادة إلا بوثيقة يوقع
عليها الطرفان [22] .
2) عقد
ملزم لطرفيه فلا يجوز لأحدهما الرجوع فيه أو فسخه بعد انعقاده إلا برضا العاقد
الآخر [23] .
ويلزم المؤمن له بأن يدفع أقساط التأمين ، ويلزم المؤمن أن يدفع للمستأمن التعويض
المالي أو المبلغ المؤمن به [24] .
3) عقد
معاوضة ، فكلا العاقدين يأخذ مقابلاً لما يدفع ، فالمؤمن له يأخذ مبلغ التأمين عند
وقوع الخطر مقابل دفع قسط التأمين ، والمؤمن يأخذ قسط التأمين مقابل تعهده بدفع
مبلغ التأمين عند وقوع الخطر [25] .
4) عقد
احتمالي ، ومن طبيعة العقد الاحتمالي أن لا يحصل فيه أحد المتعاقدين على العوض
أحياناً ، فالمؤمن له قد لا يأخذ شيئاً في أكثر الأحيان [26]،
ولا يستطيع فيه أحد المتعاقدين أو كلاهما وقت العقد معرفة مدى ما يعطي أو يأخذ من
العقد ، فلا يتحدد مدى تضحيته إلا في المستقبل تبعاً لأمر غير محقق الحصول أو غير
معروف وقت حصوله . وما يدفعه المؤمّن له من بدل التأمين وما يدفعه المؤمن من
تعويض مجهول بالنسبة لكل منهما [27] .
5) عقد
من عقود الإذعان ، إذ يخضع المؤمن له لشروط وقيود تجعل أحد طرفي العقد أقوى من
الآخر وهو المؤمن ( الشركة ) حيث تفرض من الشروط بإرادتها المنفردة ما تريد ولا
يملك المؤمن له أن يعترض عليه [28] .
المبحث الثالث : أنواع التأمين
ينقسم التأمين إلى عدة
أقسام :
1)فمن
حيث شكله ينقسم إلى قسمين :
الأول
: التأمين التعاوني وقد يطلق عليه
" التبادلي " : وهو أن يكتتب مجموعة من الأشخاص يتعهدهم خطر مشابه
، ويدفع كل منهم اشتراكاً معيناً ، يؤدي منها تعويض لكل من يتعرض للضرر منهم [29] .
ويسعى هؤلاء الأعضاء إلى تخفيف الخسائر وتحمل المصائب ولا ينظرون إلى تحقيق
الأرباح ؛ لذا فإن زادت الاشتراكات على ما صرف من تعويض كان للأعضاء استردادها ،
وإن نقصت طولب الأعضاء باشتراك إضافي لتغطية العجز . وتدار هذه المجموعة من
قبل أعضائها ، فكل واحد يكون مؤمناً ومؤمناً له ، وغرض هذا النوع من التأمين
إنساني ، وهو قليل التطبيق اليوم [30] .
الثاني
: التأمين التجاري ( قسط ثابت ) :
وهو الذي يراد من كلمة التأمين إذا أطلقت[31] . وفيه يلتزم المؤمن له بدفع قسط
محدد إلى المؤمن وهو شركة التأمين المكونة من أفراد مساهمين غير المؤمن لهم وهم المستفيدين
من أرباح الشركة وغرض هذا النوع من التأمين تحقيق الربح ، وهو السائد الآن [32] .
2) ومن
حيث موضوعه ينقسم التأمين إلى قسمين :
الأول
: تأمين الأضرار : وهو يتناول
المخاطر التي تؤثر في ذمة المؤمن له لتعويضه من الخسارة التي تلحقه بسببها [33] .
وينقسم إلى قسمين :
أ
- تأمين على الأشياء : وصورته أن يعقد المستأمن مع شركة التأمين عقداً
يضمن به سلامة داره أو سيارته أو منزله أو بضاعته من أخطار الحريق أو الدمار أو
الضياع أو السرقة وكذلك التأمين على البضائع أثناء النقل سواءً بالبرأو بالبحرأو
بالجو[34] .
ب
- التأمين من المسؤولية : وهو ضمان المؤمن له عند الرجوع الذي قد
يتعرض له من جانب الغير بسبب ما أصابهم من أضرار بسببه : كحوادث السيارات
وحوادث العمل [35] .
الثاني
: تأمين الأشخاص : وهو ما
يعرف بالتأمين على الحياة .
وهو
عقد معاوضة يلتزم فيه المؤمن بان يدفع للمستأمن ، أو إلى المستفيد الذي يعينه
المستأمن مبلغاً متفقاً عليه مسبقاً ، عند وقوع الوفاة ، أو عند بلوغ المستأمن
سناً معيناً ، مقابل أقساط دورية يدفعها المستأمن [36] . وله عدة صور :
1
- التأمين لحال الوفاة : وهو أن يتعهد المؤمن في مقابل أقساط أن يدفع مبلغاً
معيناً عند وفاة المؤمن عليه لورثته أو لأي شخص آخر [37] .
2
- التأمين لحال البقاء : ويسمى " التأمين المضاد " وهو أن يدفع
المؤمن له أقساطاً لمدة معينة ، فإذا انتهت تلك المدة تدفع الشركة للمؤمن له
مرتباً شهرياً في حالة بقائه على قيد الحياة [38] .
3
- التأمين المختلط : وهو يجمع بين النوعين السابقين ، فتلتزم الشركة بدفع
مبلغ محدد إلى المؤمن له في حال بقائه على قيد الحياة عند انقضاء المدة المتفق
عليها ، أو للمستفيد في حال وفاة المؤمن له خلال مدة معينة [39] .
3) أما
من حيث العموم والخصوص ينقسم التأمين إلى :
الأول
: تأمين فردي ( خاص ) : ويكون
المؤمن له طرفاً مباشراً في العقد ، فيتولى مباشرة العقد ليؤمن على نفسه من خطر
معين لمصلحته الشخصية [40] .
الثاني
: تأمين اجتماعي " تضامني
" : ويهدف إلى تأمين مجموعة من الأفراد يعتمدون على كسب عملهم في
معيشتهم من بعض الأخطار التي قد يتعرضون لها فتعطلهم من العمل كالمرض والشيخوخة
والبطالة والعجز [41] .
الفصل الثاني : أقوال العلماء في التأمين
المبحث الأول : أدلة
المانعين
المبحث الثاني : أدلة
المجيزين
المبحث الثالث :
الترجيح
المبحث الرابع : البديل
الإسلامي
تمهيد
لقد
وقف الفقهاء المعاصرون من التأمين موقفاً مختلفاً ، فأكثرهم منعه ، وقليل أجازه
مطلقاً ، ومنهم من أجاز بعض أنواعه - كالتأمين على السيارات وغيرها - ومنع أنواعاً
أخرى ، ورأى بعضهم التوقف وعدم الإفتاء فيه .
المبحث الأول : أدلة المانعين
أولاً : الغرر والجهالة
يعتبر
عقد التأمين عقد معاوضة ، والغرر يفسد عقود المعاوضات لأنه مستور العاقبة
فإن كلاً من العاقدين لا يستطيع أن يعرف وقت العقد مقدار ما يعطي أو يأخذ ؛ لأنه
قد يدفع قسطاً من الأقساط ثم يقع الحادث فيستحق ما التزم المؤمن به ، وقد لا يقع
الحادث مطلقاً فيدفع جميع الأقساط ولا يأخذ شيئاً . وبالنسبة للمؤمن فإنه لا
يستطيع أن يحدد ما يعطي وقت العقد بالنسبة لكل عقد بمفرده ، وإن كان يستطيع معرفة
ذلك بطرق الإحصاء من ناحية عامة [42] .
وقد
نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الغرر ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال
: " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الحصاة وبيع الغرر
" [43].
والغرر
الموجود في التأمين كبير فاحش لأن من أركان التأمين " الخطر " والخطر هو
حادث محتمل لا يتوقف على إرادة العاقدين ، فهو من العقود الاحتمالية [44].
أما
الجهالة : فقد عرّفها القرافي [45]، حين أوضح الفرق بين الجهالة والغرر من حيث
الحقيقة والأثر ، قال : اعلم أن العلماء قد يتوسعون في هاتين العبارتين ،
فيستعملون إحداهما موضع الأخرى . وأصل الغرر : هو الذي لا يدرى هل يحصل أم
لا ؛ كالطير في الهواء ، والسمك في الماء . أما ما علم حصوله وجهلت صفته ،
فهو كالمجهول ، كبيع ما في كمّه ، فهو يحصل قطعاً لكن لا يدري أي شئ هو [46].
وقد
رُدّ على هذا الدليل : بأنه ليس كل غرر يوجب إبطال كل تصرف ، فما كان منه معاوضة
يقصد به تنمية المال كالبيع فهذا لا يجوز فيه الغرر الكثير ، والجهالة التي تمنع
هي الجهالة التي تؤدي إلى عدم إمكان تنفيذ العقد أو إلى نزاع فيه [47].
ثانياً
: القمار والمراهنة
عقد
التأمين ينطوي على المقامرة والرهان ، لآن المقامرة والمراهنة عقد لا يستطيع فيه
كل واحد من المقامرين أو المتراهنين أن يحدد وقت العقد القدر الذي يأخذه أو يعطيه
، ولا يتبين ذلك إلا في المستقبل تبعاً لحدوث أمر غير محقق الوقوع [48].
وقد
حرَّم الإسلام القمار ، فقد قال تعالى في كتابه الكريم : { يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ
رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (المائدة:
90).
وقد
رُدَّ على هذا الدليل : بأن القمار ضرب من اللهو واللعب يقصد به الحصول على المال
عن طريق الحظ والمصادفة ، أما التأمين فهو جدٌّ يعتمد على أسس علمية وفيه ابتعاد
عن المخاطر واحتياط للمستقبل بالنسبة للمستأمن [49]. وأن العامل الشرعي في تحريم القمار
ليس عاملاً اقتصادياً ، وإنما هو عامل خلقي واجتماعي في الدرجة الأولى كما أشار
إليه القرآن الكريم [50].
ثالثاً
: الربا
فهو
يتضمن الربا بنوعيه – ربا الفضل وربا النسيئة – فحقيقة عقد التأمين التجاري هي بيع
نقد بنقد حيث يتفق المستأمن مع شركة التأمين على أن يدفع قسط التأمين مقابل أن
يأخذ مبلغ التأمين عند حدوث الخطر . والمبلغ الذي يأخذه المستأمن بعد أجل
يحتمل أن يكون مساوياً لما دفعه أو متفاضلاً . هذا بالإضافة إلى أن شركات
التأمين تقوم باستغلال أموالها في أعمال ربوية محرمة ، لا يجوز للمسلم الاشتراك
فيها [51].
وقد
رُدَّ على هذا الدليل : أن التأمين يقوم على أساس فكرة التعاون على جبر
المصائب والأضرار الناشئة من مفاجآت الأخطار . فلا يتحقق ربا النسيئة لأن أحد
البدلين منفعة وهي ليست من الأصناف الستة ولا مما ألحق بهما ، ولا يتحقق فيها ربا
الفضل لاختلاف جنس البدلين [52].
رابعاً
: الإلزام بما لا يلزم شرعاً
فالمؤمِّن
لم يحدث الخطر المؤمَّن منه ، ولم يتسبب في حدوثه ، وإنما كان ضمانه للخطر – على
تقدير وقوعه – مقابل مبلغ يدفعه له المؤمَّن له نشأ من العقد . وكذلك : فإن
المؤمِّن يأخذ مال المؤمَّن له في عقود معاوضات مالية تجارية دون أن يبذل عملاً
للمؤمَّن له [53]، فيستلزم أكل أموال الناس بالباطل . والله سبحانه وتعالى يقول في
كتابه الكريم : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ
أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ...}(النساء: 29).
وقد
رُدَّ على هذا الدليل : بأن المؤمِّن التزم بالضمان حين العقد برضاه ، وهن طيب نفس
منه فالتزم بما التزم ولا غضاضة في ذلك ، وله نظير في الفقه الإسلامي ألا وهو عقد
الكفالة [54].
خامساً
: بيع الأمان
أن
الأمان لا يباع ولا يشترى ، فلا يجوز أن يكون محل معاوضة أو تجارة [55]،
ولا يجوز أن يكون وسيلة لتحقيق الربح مهما كان هذا الربح محدوداً وقليلاً
للغاية [56].
ورُدَّ
عليه : بأن الأمان من أعظم ثمرات الحياة ، وهناك من العقود المتفق عليها ما يشهد
لجواز بذل المال بطريق التعاقد بغية الاطمئنان مثل عقد الاستئجار على
الحراسة [57].
سادساً
: تحدي قدر الله
[58].
ورُدَّ
عليه : بأن التأمين ليس ضماناً لعدم وقوع الحادث الخطر المؤمن منه ، ولكنه تحويل
لهذه الأضرار عن ساحة الفرد إلى ساحة الجماعة لعجزه عن احتمالها [59].
[60]
أولاً : التأمين
عقد جديد
فهو
عقد جديد لم يتناوله نص شرعي ولا يوجد في أصول الشريعة ما يمنع جوازه ، لآن الأصل
في العقود : الإباحة والجواز حتى يقوم دليل على التحريم ، ونستدل ببيع الوفاء عند
الأحناف – أن يقول البائع للمشتري : بعت منك هذا الشيء بما لك عليّ من الدين على
أني متى قضيت الدين فهو لي - فهو عقد جديد نشأ في القرن الخامس الهجري [61].
الرد
على هذا الدليل :
لا
نسلم لكم بأن الأصل في عقود المعاملات الإباحة ، بل الأصل فيها المنع حتى يقوم
دليل على الجواز . وأن أصول الشريعة وقواعدها وما اشتملت عليه من الحكم
والمصالح تقتضي تحريمه ؛ لآن الأصول المحكمة في صحة المعاملة الاحتواء على العدالة
الواضحة الجلية التي لا غرر فيها ولا مقامرة ، والتأمين أبعد ما يكون عن الحق والعدل
الذي بعثت به الرسل وأنزلت الكتب [62].
ثانياً
: القياس على عقد الموالاة
وهو
أن يقول الشخص مجهول النسب لرجل معروف النسب : أنت وليي ترثني إذا مت ، وتعقل عني
إذا جنيت والمراد بالعقل : هو دفع التعويض المالي في جناية الخطأ[63].
يقول
الأستاذ مصطفى الزرقاء : " أن عقد الموالاة يقيم رابطة حقوقية بين
عاقديه شرعاً ، قوامها التزام شخص بأن يحتمل الموجب المالي عن جناية الخطأ الصادرة
من الآخر في مقابل أن هذا الملتزم يرث الآخر إذا مات دون وراث ، فينشأ عنه رابطة
شرعية سميت " ولاء الموالاة " [64].
الرد
على هذا الدليل : أن هذا القياس غير صحيح ، لآن عقد الولاء مردود اعتباره من أسباب
الميراث عند سائر الفقهاء سوى الحنيفة ، وليس هناك علة جامعة بينه وبين عقود
التأمين مع الشركات الاستغلالية ، وهو قياس مع الفارق الكبير [65].
ثالثاً
: القياس على نظام العاقلة
وهو
نظام وردت به السنة النبوية الصحيحة الثبوت ، فإذا جني أحد جناية قتل غير عمد بحيث
يكون موجبها الأصلي الدية لا القصاص ، فإن دية النفس توزع على أفراد عاقلته الذين
يحصل بينه وبينهم التناصر عادة . وتهدف إلى تخفيف أثر المصيبة عن الجاني
المخطئ . وصيانة دماء ضحايا الخطأ عن أن تذهب هدراً في حال فقر الجاني
المخطئ [66].
الرد
على هذا الدليل :
هذا
قياس مع الفارق ، حيث أن نظام العاقلة قائم على روابط أسرية يربطها الدم ويربطها
كذلك التكافل في تحمل الغرم ، لا علاقة لها بالبيع والشراء ، وإنما شرعت لإيجاد
التضامن والتعاون بين أفراد الأسرة . فالتأمين التجاري يقوم على المعاوضة ،
بينما نظام العاقلة يقوم على التبرع [67].
رابعاً
: القياس على ضمان خطر الطريق
وصورته
: أن يقول رجل لآخر : " اسلك هذا الطريق فإنه آمن ، وإن أصابك فيه شئ فأنا
ضامن فسلكه فأُخذ ماله فإنه يضمن القائل . وعقد التأمين على الأشياء يشبه هذه
المسألة من حيث التزام الضمان ، فالشركة التزمت الضمان ، كما أن القائل
التزمه [68].
يقول
الأستاذ مصطفى الزرقاء : " فإني أجد فيه فكرة فقهية يصلح بها أن يكون
نصاً استئناسياً قوياً في تجويز التأمين على الأموال من الأخطار" [69].
الرد
على هذا الدليل :
أن
هذا ليس فيه دلالة صحيحة على المراد [70]، فعقد التأمين ليس فيه أي وجه من وجوه
الضمان التي أقرها الفقه الإسلامي [71].
وأن
الضمان يكون لسبب العدوان والإتلاف ووضع اليد بغير وجه حق والكفالة ، وأن ضمان
المؤمِّن لا يستند إلى برر شرعي [72].
خامساً
: الالتزام والوعد الملزم
وصورتها
: لو أن شخصاً وعد غيره عدة بقرض أو يتحمل خسارة أو بإعارة أو هبة أو نحو
ذلك مما ليس بواجب عليه بالأصل فإنه يصبح بالوعد ملزماً في رأي عند المالكية [73].
يقول
الأستاذ مصطفى الزرقاء : " فإذا نظرنا إلى مذهب المالكية الأوسع في هذه
القضية فإننا نجد في قاعدة الالتزامات هذه متسعاً لتخريج عقد التأمين على أساس أنه
التزام من المؤمِّن للمستأمنين ، ولو بلا مقابل على سبيل الوعد بأن يتحمل عنه
أضرار الحادث الخطر الذي هو معرض له ، أي أن يعوض عليه الخسائر" [74].
الرد
على هذا الدليل :
وأن
العوض في الوعد الملزم معلوم عند الطرفين ، أما ما تدفعه شركة التأمين فهو مجهول
لا يعلمه أحد الطرفين إلا بعد الخطر ، فلا يقاس مجهول على معلوم [76].
وأن
الوعد الملزم متوقف على دخول الموعود له في السبب ، بخلاف التأمين فإن الشركة
ملزمة عند وقوع الخطر بالوفاء والتزامها على كافة الأحوال إلا في حالة ما إذا تعمد
الوقوع في الخطر [77].
المبحث الثالث : الترجيح
بالنظر
في أدلة كل من الفريقين فإنه يترجح لديّ قول المانعين للتأمين ، فلا يجوز إلا في
حالات الضرورة ، مثل قوانين الدولة الملزمة بدفع التأمين وذلك كالتأمين على
السيارات ويجوز للحاجة كالتأمين الصحي للفقير. فإن أدلة المانعين أقوى
استنباطاً وأتم دلالة وأكثر ارتباطاً بنصوص الشريعة وقواعدها . واستند
المحرمون على نصوص شرعية وقواعد أساسية ، بينما استند المجوزون إلى قياسات مستنبطة
من استنتاج الفقهاء وتأويلات لا تخلو من معنى المقامرة والغرر والرباومعلوم أن
أدلة النصوص أقوى من أدلة القياس والتأويل [78].
فالتأمين
باطل شرعاً ؛ لأنه عقد اتفاق بين طرفين يشتمل على الإيجاب والقبول ، ولكي يصح هذا
العقد شرعاً فإنه يجب أن يتضمن شروط العقد الشرعية . والعقد لا يقع شرعاً
إلا على عين أو منفعة ، وهذا ما خلا منه التأمين فإنه يقع على ضمانة ، والتعهد أو
الضمانة لا يعد عيناً ؛ لأنه لا يستهلك ولا تؤخذ منفعته ، ولا يعتبر منفعة لأنه لا
ينتفع بذات التعهد ، لا بالأجرة ، ولا بالإعارة [79].
ودعوى
انتفاء الغرر ، والاستشهاد بعقد الاستئجار على الحراسة ، مردود لأن المحل في عقد
الاستئجار على الحراسة هو القيام بالحراسة والأمان هو الغاية ، وفرق بين الغاية
والمحل ، أما في عقد التأمين فإن المؤمن لا يقوم بأي عمل يؤدي إلى الأمان[80] .
وكذلك
: دعوى أن الغرر في التأمين لا يؤدي إلى نزاع فيها نظر ؛ لأن كثيراً من الحالات
التي يطالب فيها المؤمن له بالتعويض لا تمر دون نزاع وإن شركات التأمين عادة تجعل
لها محامين متفرغين للدفاع عن نفسها في منازعاتها الكثيرة [81].
ولقد
اعتمد المجوزون على مبادئ تعاونية تكافلية وضع الإسلام أصولها كعقد الموالاة
والعواقل وهي مبادئ لا تحتمل أن يحتج بها لجواز التأمين لأنها تعتمد على التبرع ،
أما من حرموا التأمين فقد رفضوا أية علاقة لهذه المبادئ التعاونية بعقود التأمين
القائمة على الاستقلال وابتزاز الأموال والربح الفاحش . وإن من القواعد
المقررة شرعاً : إذا تعارض المحرّم والمبيح ، رجح المحرّم ، وإذا تعارض المانع
والمقتضي قدّم المانع [82].
المبحث الرابع : البديل الإسلامي
أشار
البحث إلى فكرة التأمين في الإسلام[83]، ويتحقق هذا في التأمين التعاوني الذي لا يشك في جوازه في الإسلام
؛ لأنه يدخل في عقود التبرعات ، وهو من قبيل التعاون على البر لذا فهو أمر مرغوب
فيه لقوله تعالى:{... وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم
والعدوان...} (المائدة: 2). وذلك لأن كل مشترك يدفع اشتراكه بطيب نفس ،
متبرع بما يدفعه لمن يحتاج إليه من سائر الشركاء حسب الطريقة التي يتفق
عليها [84].
وقد
أجمع فقهاء الشريعة على شرعية التأمين التعاوني ، فقد قرّر مجلس مجمع الفقه
الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي الموافقة على مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة
العربية السعودية رقم (51) وتاريخ 4/4/1397هـ من جواز التأمين التعاوني بدلاً من
التأمين التجاري المحرّم [85].
ويشتمل التأمين التعاوني (الاجتماعي) على ثلاثة صور :
الأولى
: نظام التقاعد :
وهو أن تجعل الدولة للموظف مرتباً شهرياً بعد بلوغه سن معينة ، أو بعد مكوثه في
الوظيفة مدة معينة مقابل اقتطاع جزء من راتبه الشهري .
الثانية
: نظام الضمان الاجتماعي :
وهو أن تجعل الدولة أو من ينوب عنها كمؤسسة الضمان الاجتماعي أو الهيئة العامة
للتأمينات الاجتماعية للموظف والعامل المشترك في المؤسسة تعويضات في حالة الإصابة
بالمرض أو العجز أو الشيخوخة مقابل اقتطاع جزء من راتبه الشهري يصل إلى 5% ، وتدفع
المؤسسة التي يعمل فيها 10%
الثالثة
: التأمين الصحي :
وهو أن تتكفل الدولة بتقديم العلاج اللازم لمن يصاب بمرض ما مقابل قسط شهري يدفعه
الفرد [86].
وقد
تطرّق البحث إلى صورة التأمين التعاوني [87]، ونضيف هنا : أنه يجوز لهيئة التأمين
التعاوني أن تستثمر فائض أموالها – إن وجد - في مشروعات تتمشى مع أحكام
الشريعة ، فتدر عليها عائداً إضافياً .
كما
يمكن تأسيس شركة مساهمة أو محدودة المسئولية - يفضل أن يكون البنك الإسلامي
من مؤسسيها - يكون غرضها مزاولة أعمال التأمين التعاوني ، وللشركة أن تستثمر
فائض رأسمالها وأموالها في المشروعات التجارية أو الصناعية أو الزراعية بأي طريق
مشروع كالمضاربة ، وعودة الأرباح الناشئة عن الاستثمار إلى المساهمين وإلى
المؤمنين ، كل بقدر مساهمة أموالهم في الاستثمار [88].
والمعمول
به في شركة التأمين الإسلامية – الخرطوم - أن الفائض يوزع على جميع
المشتركين بنسبة أقساطهم ، من غير تفرقة بين مشترك نزلت به مصيبة فأخذ تعويضاً من
الشركة وآخر لم يأخذ تعويضاً ، وهو ممّا رجّحه الدكتور الصديق الضرير[89]،
غير أن بعض الشركات تعمد إلى خصم التعويض من اشتراك العضو الذي أخذ تعويضاً
ومحاسبته على الباقي إن وجد ، وحرمانه من المشاركة في الفائض إذا زاد التعويض عمّا
دفعه من أقساط أو ساواه ، وذلك لأن الفائض حق المشتركين جميعاً ، فكل مشترك متبرع
للآخرين ، بما تحتاج إليه الشركة لدفع التعويضات والتعويض حق من تحققت فيه شروط
استحقاقه ، فلا وجه لتأثير هذا الحق على ذلك ، ولأن خصم مبلغ التعويض من الأقساط
قد يعود على مبدأ التعاون الذي يقوم عليه التأمين بالنقض ، فكأنما نقول للمشترك
الذي دفعت له الشركة تعويضاً يساوي ما دفعه هو من أقساط ، تحمّل مصيبتك وحدك ،
فأين التعاون الذي اشترك من أجله [90](2).
وأميل
إلى الرأي الذي ذكره الدكتور الصديق الضرير ، حيث أنه يدخل في إطار التعاون
المطلوب .
ضوابط التأمين الإسلامي البديل :
1
- أن يكون نظام التأمين تعاونياً بأن تكون الغاية الأساسية لجميع أطرافه هي
التعاون.
2
- أن تراعى في النظام الأساسي وأعمال الصندوق قواعد الشريعة العامة ، ويعهد
بمراقبة
ذلك
لهيئة رقابة شرعية .
3
- أن يشترك جميع المشتركين والمؤسسين – إن وجد – في إدارة الصندوق ، وذلك عن
طريق تمثيلهم في مجلس الإدارة ، ليشعروا بالتعاون المتبادل .
4
- يجوز دفع أجرة المثل لمن يعهد إليه إدارة الصندوق أو مسك حساباته أو
القيام على استثمار بعض أمواله .
5
- يجوز استثمار أموال الصندوق بطرق مشروعة ، ويرصد ريع تلك الأموال لدعم
الغاية الأساسية من الصندوق بتعزيز القدرة المالية على تعويض المشتركين المتضررين
.
6
- يجوز للصندوق أن يقبل الهبات والتبرعات غير المشروطة لدعم الغاية الأساسية
من الصندوق ، وهي التعاون على ترميم المخاطر .
7
- لا يجوز لشركات التأمين الإسلامية أن تتعامل مع شركات إعادة التأمين فتؤمن
على بعض المخاطر وفق عقد التأمين التجاري – المحرم - .
8
- يتحمل العجز في الصندوق جميع الأعضاء المشتركين بنسبة أموالهم ، ويمكن
معالجة ذلك بتكوين احتياطي من فائض الاشتراكات .
الخاتمة
من
أهم النتائج التي توصلت إليها في البحث :
1
- سبق الإسلام إلى دعم فكرة التأمين ، ويتمثل هذا الاهتمام في تقرير نظام
كفالة الغارمين ونظام كفالة الفقراء والمساكين ، ونظام العاقلة ، ونظام
كفالة أبناء السبيل ، ونظام النفقات بين الأقارب والمحتاجين .
2
- ينقسم التأمين إلى عدة أقسام :
أ
- من حيث شكله : ينقسم إلى تأمين تعاوني قائم على التبرع ، وآخر تجاري
يهدف إلى الربح .
ب-
من حيث موضوعه : ينقسم إلى : تأمين الأضرار ، كالتأمين على الأشياء والتأمين
من المسؤولية كحوادث السيارات . وتأمين أشخاص : وهو مايعرف بالتأمين على
الحياة ( أو ما بعد الموت ) .
جـ-
من حيث العموم والخصوص : ينقسم إلى تأمين فردي ، يتولى فيه المؤمن مباشرة العقد
بنفسه . وتأمين إجتماعي ، يهدف إلى تأمين مجموعة من الأشخاص عن الأخطار التي
قد يتعرضون لها فتعطلهم عن العمل كالمرض .
3
- اختلف الفقهاء في حكم التأمين : فمنهم من يرى منعه وهم الأكثرية ، وهناك
من يجيزه وهم أقلية ، بينما يرى آخرون جواز بعض أنواعه كالتأمين على الأموال مثل
السيارات وغيرها ، ومنع أنواعاً أخرى كالتأمين على الحياة ، وتوقف بعض الفقهاء عن
الإفتاء فيه .
4
- اجماع الفقهاء على شرعية التأمين التعاوني ، واتفاقهم على شرعية التأمين الحكومي
الذي يتمثل في نظام التأمينات الاجتماعية ونظام التقاعد والمعاشات ، وخلافهم في
التأمين التجاري - الذي يهدف إلى الربح – وقد تتولاه الدولة .
5
- أرجّح الرأي القائل بمنع التأمين ، وذلك لاشتماله على الغرر والجهالة والغبن
والربا والقمار والرهن . وأستثني من هذا الترجيح حالات الضرورة والحاجة التي
قد يتعرض لها المسلم ، فيلاحظ أن بعض أنواع التأمين قد تجاوزت حدود الاختيار إلى
حدود الإلزام القانوني الذي لا خيار منه للشخص ، وذلك كأنواع التأمين الذي تفرضه
الدولة . فالتأمين من المسؤلية تجاه الغير توجبه بعض القوانين إيجاباً على
كل صاحب سيارة مثلاً كيلا تذهب جناياتها على الأرواح والأموال هدراً إذا كان
صاحبها أو سائقها فقيراً مفلساً وليس لديه ما يكفي للوفاء بتعويض ما أحدثته من
أضرار للغير .
6
- أول من أفتى بتحريم التأمين هو العلامة الحنفي ابن عابدين المتوفى سنة
1252هـ.
7
- يتمثل البديل الإسلامي في إنشاء هيئة تأمين تعاوني من الأشخاص المتبرعين
باشتراكات معينة ، تخصص هذه الاشتراكات لأداء التعويض لمن يصيبه ضرر ، وغرض هذا
التأمين تفتيت الأخطار والمصائب التي تقع على بعض الأفراد ، وليس الغرض منه
الاستغلال وتحقيق الربح لأشخاص معينين . ويمكن لهذه الهيئة من استثمار فائض
أموالها –إن وجد – في مشروعات تتفق مع أحكام الشريعة فتدر عليها عائداً إضافياً
يمكن توزيع بعضه على المؤمنين كل بقدر مساهمته ، وعمل احتياطي خاص بهم بالباقي .
8
- حرص الفقهاء المسلمين على إيجاد البدائل الإسلامية لكل معاملة مستحدثة
تنشأ في غير ديار الإسلام .
الهوامش والمراجع
[5] - أنظر
: التأمين بين الحل والتحريم ، د. عيسى عبده ، ص 19 - التأمين بين
الحظر والإباحة ، سعدي أبو جيب ، ص 15.
[6] - أنظر
: التأمين بين الحل والتحريم ، مرجع سابق ، ص17-18 - الربا والمعاملات
المصرفية ، الشيخ : عمر المترك ،ص 404.
[7] - هو
محمد أمين بن عمر بن عبدالعزيز عابدين الدمشقي ، فقيه الديار الشامية وإمام
الحنفية في عصره ، ولد في دمشق عام 1198هـ ، له : "رد المحتار على الدر
المختار" في الفقه ويعرف بحاشية ابن عابدين ، و"الرحيق المختوم" في
الفرائض وغيرهما ، توفي عام 1320هـ في دمشق . (انظر : الأعلام ج6 ، ص 267 –268) .
[27] - التأمين
بين الحل والتحريم ، مرجع سابق ، ص 23 - التأمين بين الحظر والإباحة ، مرجع
سابق ، ص 17.
[34] - أنظر
: فقه العقود المالية ، مرجع سابق ، ص 127 - التأمين الإسلامي بين النظرية
والتطبيق ، عبد السميع المصري ، ص 10.
[45] - الإمام
شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبدالرحمن الصنهاجي المعروف بالقرافي ، تتلمذ على
العز بن عبدالسلام وابن الحاجب وغيرهما ، كان بارزاً بارعاً في الفقه والأصول
والتفسير وعلم الكلام ، من مؤلفاته : الذخيرة ، القواعد ، توفي سنة 486هـ ودفن
بالقرافة . ( انظر : الديباج المذهب ، ص 62 ، الموسوعة الإلكترونية ) .
[51] - فقه
العقود المالية ، ص 132 - التأمين بين الحظر والإباحة ، ص 36 - المعاملات
المالية المعاصرة ، د. شبير ، ص 108.
[52] - الربا
والمعاملات المصرفية ، الشيخ : المترك ، ص 421 ، نقلاً عن " بحث في التأمين
" للشيخ : علي الخفيف .
[67] - فقه
العقود المالية ، د. شواط ، د. حميش ، ص 135 - الربا والمعاملات المصرفية ،
الشيخ : عمر المترك ، ص 412 ، 413.
[85] - أنظر
: المرجع السابق ص130 - الإقتصاد الإسلامي للسالوس ج1 ص 497 -
المعاملات المالية المعاصرة د. شبير ص 120.
[89] - في
بحثه : "التأمين التجاري وإعادة التأمين" ضمن أعمال الندوة الفقهية
الأولى لبيت التمويل الكويتي ، 1987م .
تعليقات
إرسال تعليق