دردشة في التأمين - عارف السبع
ثلاث نقاط لا تتعدى محيط الحديث
في المجالس بين المهتمين – حسب علمي- أي ان الموضوع لا يتعدى كونه سالفة و موضوع
نقاش ع الماشي، وهذه النقاط هي: ارتفاع اسعار التأمين، و تأجير المركبات المنتهي
بالتمليك، وخدمة العملاء.
اول نقطة هي ارتفاع اسعار التأمين:
إرتفعت
أسعار التأمين، بالخصوص تأمين المركبات، لأن هذا الخط يلامس شريحة واسعة من
المستفيدين على مستوى الشركات و الافراد. أحد أسباب هذا الارتفاع – بالاضافة
الى الاسباب الاخرى- على ما أعتقد لانه إلزامي، فلم نكن نسمع – قبل قرابة
الخمسة عشر سنة- أي نقاش عن التأمين الا ما ندر، لأن شراء هذا التأمين كان
إختيارياً.
في
السنوات التي سبقت إلزام مالكي المركبات بالتأمين كانت أسعار التأمين معقولة في
نظر مشتري التأمين، بحكم صغر حجم مبالغ التعويضات التي كانت تصرفها شركات التأمين.
لكن
مع بداية تأمين الرخصة الالزامي و زيادة مبالغ التعويضات على خسائر الحوادث التي
تدفعها شركات التأمين، صارت شركات التأمين تزيد قيمة أقساط التأمين تدريجيا بنسب
معينة لموازنة حجم الاقساط مقابل مبالغ التعويضات، و لم يقتصر هذا على تأمين
المركبات فقط، فقد سنت مؤسسة النقد وهي المشرفة على قطاع التأمين بعض الانظمة فيما
يتعلق بأنواع التأمين الأخرى، مثل تأمين الممتلكات بسبب ازدياد حجم
الخسائر.
وسبب
آخر لزيادة أقساط التأمين، هو ارتفاع مبالغ التعويضات عن الخسائر-الحوادث و
المبالغة في قيم الاصلاح و قطع الغيار، ناهيك عن التلاعب من قبل بعض المستفيدين من
التأمين بفبركة حوادث او المبالغة في قيمة الإصلاح أو تغطية خسائر ليست مغطاة
أصلاً في عقد التأمين اوقد تكون مستثناة.
و
قس على ذلك أغلب أنواع التأمين، منها التأمين الطبي الذي يساء إستخدامه من
قبل البعض كإستخدام حد تغطية علاج النظر بشراء نظارات شمسية او غيره بتواطئ عدة
اطراف.
قد
تكون النتيجة النهائية بزيادة أسعار التأمين غائبة عن اذهان البعض لهذا السبب، فلا
يلحظون انهم يتسببون في زيادة مبالغ التعويضات المؤدية الى زيادة أسعار اقساط
التأمين، ولا ندري هل نقول انهم بحسن نية يسيؤن إستخدام التأمين أم أنهم غير
مبالين.
نسبة/مبلغ
الاستقطاع او التحمل كعنصر أساسي في نظرية التأمين، فرض التحمل يجعل من المستفيد
مشاركاً في تحمل تكاليف التعويض عن الخسارة، ومن ثم فهو يدفع المستفيد الى رفع
مستوى الحذر لديه من أجل تقليل/تجنب وقوع الحوادث أو الخسائر، كأن يتحمل المريض
نسبة معينة من تكلفة العلاج و يدفع المتضرر من جراء حادث سيارة مقداراُ محدداُ
مسبقا في حال وقوع حادث و هذا في التأمين الشامل ليتم إصلاح مركبته و ليس مفروضا
على تأمين المسؤلية للطرف الثالث.
و
لهذا البند تأثير على مبلغ قسط التأمين، فكلما زادت نسبة التحمل قل سعر التأمين
على المركبة.
قد
يكون هذا خيارا لتقليل قمية القسط في التأمين الشامل، لكن لما لا يكون خيارا
في تأمين المسؤلية للطرف الثالث؟ فبحسب ما هو معروف فإن بعض خطوط التأمين – كتأمين
الطيران مثلا- يضع هذا البند اي التحمل حتى في تأمين المسؤلية للطرف الثالث.
فيكون
مبلغ التحمل في تأمين المركبات الالزامي لمسؤلية الطرف الثالث عنصر تخفيض لمبلغ
التأمين الذي يشتكي الكثيرين من ارتفاع تكلفته.
او
ان يتم تقسيط قيمة مبلغ التأمين للأفراد على دفعات كما هو خيار متاح للتأمين
التجاري للشركات بحسب نظام معين تضعه بعد دراسة جهة الاشراف.
النقطة الثانية هي تأجير المركبات المنتهي بالتملك:
هذه
النقطة ايضا تمس شريحة لا بأس بها من الافراد المستفيدين من نظام التمويل التأجيري
و هو ما يسمى بالتأجير المنتهي بالتملك، كما يستفيد منه ايضا اصحاب الشركات فبعض
الشركات تستفيد منه في تمويل شراء المركبات و المعدات المستخدمة في مشاريعها.
من
خلال تماس هذا الخط من اساليب التمويل و مجال عملنا في التأمين، لاحظت فرقا
في طرق التأمين بين الشركات و الافراد المستفيدين من هذا المنتج التمويلي للمركبات.
التأجير
المنتهي بالتملك أسلوب و طريقة ناجحة بحد ذاتها خصوصا لزيادة ضمان إستقرار
المشاريع بالذات في بداياتها، كما انه يسهل لبعض الافراد من ذوي الدخل المحدود
تملك سيارة بدفعات ميسرة بدلاً من تخصيص مبلغاً ليس بالبسيط لتملك سيارة هو
في أمس الحاجة له في وقتنا الحاضر.
لا
خيار في تأمين المركبات سواء التي تم شراءها عن طريق التأجير المنتهي بالتملك أو
النقدي، فتأمين المركبات الزامي حتى يكون بالإمكان إستخدام المركبة على طرق
المملكة، لكن هناك فرق في طريقة التامين عند شراءها بطريقة التأجير المنتهي
بالتملك بين الشركات و الأفراد.
بالنسبة
للافراد، فإن المشتري يتحمل قسط التأمين بطريقة غير مباشرة بحيث تضاف قيمة التأمين
الى عمولة تمويل التسهيلات عند الشراء بنسبة معينة يتم احتسابها من ضمن القسط
الشهري.
اما
بالنسبة للشركات، فبعض شركات التمويل لهذا الغرض تترك الخيار للمشتري حسب العقد
بأن يقوم بالتأمين هو على المركبات او المعدات التي يشتريها مقابل تقليل نسبة
الفائدة على مبلغ التمويل، أو أن تقوم الشركة الممولة بالتأمين و إضافة تكلفة
التأمين على فوائد التمويل.
في
ما يخص الافراد، تظهر مشكلة عند حدوث خسارة ما بسبب حادث لا سمح الله يؤدي الى
اضرار للمركبة المستأجرة، بحكم العقد بين المشتري- و الذي يسمي المستفيد من
المركبة او المستأجر- و بين المؤجر وهي شركة التمويل، فتتضارب هنا المصالح حيث ان
التأمين سيعوض صاحب المصلحة التأمينية في المركبة، و يتم التعويض على أساس هذا
المبدأ بتصليح المركبة ان لم تتعدى تكلفة اصلاحها نسبة اعتبارها خسارة كلية – اي
ان لا تكون تكلفة اصلاحها اكثر من قيمتها السوقية- و تعود المركبة للوضع السابق و
يستمر عقد التأجير بين المستفيد أو المستأجر و شركة التمويل وهي المالك للمركبة،
ويستمر دفع الاقساط الى ان تصبح المركبة –بحكم العقد- ملك للمستأجر، و يا دار ما
دخلك شر.
النقطة
الحساسة هي ان تعدت تكلفة اصلاح المركبة نسبة تعتبرها شركة التأمين (غير مجدية
اقتصاديا) بأن تكون تكلفة الاصلاح أعلى من قيمة المركبة الفعلية او السوقية، هنا
تبرز المشكلة في من له حق المصلحة التأمينية، هل هي شركة التمويل و التي تمتلك
المركبة بنص العقد، أم المستفيد و الذي قد يكون دفع أكثر من ثلاث ارباع قيمة
المركبة؟
العقد
شريعة المتعاقدين، لكن بنظرة محايدة لتعريف صاحب المصلحة التأمينية هنا يبدو اننا
نواجه طرفين، الطرف الاول هي شركة التمويل المالكة الفعلية للعين المؤمن عليها، و
المستفيد او المستأجر و هو الذي يدفع واقعيا أقساط التأمين.
كثير
من الحالات حصلت، و البعض منها وصل الى جهة الاختصاص للفصل في النزاع، لكن بالرجوع
الى نص العقد فإن صاحب المصلحة التأمينية هو مالك الشيء و في هذه الحالة هي شركة
التمويل، فيقول لسان حال المستأجر ضاعت فلوسك يا صابر.
و
يتمتم الاطراف بنفس الاسطوانة المتكررة، شركات التمويل حرامية و شركات التأمين
حرامية و ينتهي الموضوع.
ثالث نقطة هي ان خدمة العملاء مصدر ايرادات الشركة:
“ابدأ
في الأماكن التي تم العثور على الذهب فيها من قبل، هذه الأماكن يكون من الأسهل
والأفضل البحث فيها وذلك لتأكدك من وجود الذهب في هذه المنطقة، حينها سيقل
احتمالية المجازفة وإضاعة وقتك ومجهودك سدى.” *منقول من موقع تسعة : البحث
عن الذهب : كيف تنقب وتعثر على الذهب في الطبيعة .
من
الجملة المقتبسة اعلاه يتضح لنا الامر الطبيعي ان استغلال ما توصل اليه السابقون
اجدى و انفع، بحيث توفير الوقت و الجهد في التنقيب عن مصدر للايرادات في مكان أو
منطقة وجد فيها الاخرون مبتغاهم.
و
دائما ما نسمع مقولة ان رضا العميل هو الهدف، حيث ان العميل يعتبر مصدر ايرادات
الشركة نتيجة شراءه منتجات الشركة، لذى نلاحظ اهتمام الشركات بأقسام خدمة العملاء
و تخصيص ميزانيات للتوظيف و التدريب على أعلى مستويات الخدمة و تخصصاتها.
و
حيث أن صوت العميل و ملاحظاته هي مؤشر لمستوى الخدمة المقدمة، فإنه مقياس يعتد به
لدى العملاء المحتملين فلو كان العملاء الحاليين راضين كان ذلك بمثابة التسويق
المجاني و المساعد على الانتشار لسمعة الشركة مقدمة الخدمة، أما ان كان العكس
فسمعة الشركة ستشوه و ينتشر عنها الكلام السيء بسرعة قياسية و هو مبدأ معروف في التسويق
ان نسبة المتحدثين عن رضاهم عن خدمة معينة أقل مقابل حديث أولئك الساخطين عن تلك
الخدمة.
نجد
بعض المسؤلين عن اقسام خدمة العملاء او من لهم علاقة بتلك الاقسام و الادارات
يرددون هذه المقولة، لكنها لا تتعدى كونها تحفيزاً لفريق التسويق او فريق خدمة
العملاء و مانشيته يتوجب عليهم القائها عند اي اجتماع او مناسبة، لكن على ارض
الواقع فإن نسبة الاهتمام لا تذكر قياسا بحجم أهمية هذه المسؤلية.
على
سبيل المثال في مجال التأمين نرى بعض الشركات تلوح بالخدمة المميزة و السعي وراء
كسب رضا العميل الى اخره من موشحات الاهتمام بمصلحة العميل و حماية حقوقة، لكن في
المقابل لا ترى في جدول مسؤول العلاقة بالعميل أي موعد لزيارة هذا العميل او ذاك
بعد اتمام الصفقة ببيعه وثيقة التأمين، حتى انه لا يذكره الا عند وقت تجديد
الوثيقة، غافلا حتى عن اي تغيير قد يكون طرأ على الخطر المراد تجديد تغطيته.
ان
مقولة خدمة العملاء هي من أهم مصادر ايرادات الشركة صحيحة، و لو لم تكن كذلك لما
صرفت كبريات الشركات مبالغ ضخمة و خصصت ميزانيات لتطوير آليات خدمة العملاء و
التميز فيها، فبحسبة بسيطة بعيدة عن الدراسات و التعقيد نجد ان الجهد و الوقت
الذين يخصصان للابقاء على عميل حالي أقل من ذلك المبذول لجلب عميل جديد.
تماما
كما يفعل المنقبون عن الذهب فإنهم يبحثون في أماكن وجد فيها هذا المعدن لاحتمالية
العثور عليه بنسبة اكبر من البحث في اماكن جديدة.
من
الامور الغريبة في بعض حالات ضعف خدمة العملاء لبعض الشركات، أننا نجد أحد العملاء
لشركة ما لسنوات قد اضطر لتأمين خطر جديد مع شركة أخرى بدون علم مسؤل العلاقة من
شركة التأمين الاولى، و الذي من المفترض ان يكون بمثابة المرشد له في تحسين
الاخطار و دراسة مواطن الخطر لدى العميل لتنبيهه بتغطيتها.
مثال
اخر يكاد يكون الابرز، و هو تعامل موظفي قسم المطالبات في شركات التأمين مع
المراجعين بغرض رفع مطالبة تعويض، فإننا نرى العجب من قبل بعض الموظفين في التفنن
بأساليب التطفيش و المماطلة و غيرها خصوصا مع من لم يسعفهم الحظ بالالمام ببعض
حقوقهم للمطالبة.
نتيجة
هذه المعاملة هي انتشار السمعة السيئة عن تلك الشركة فيما يخص التزامها
بالتعويضات، فحتى لو لم يكن راض عن مستوى الخدمة و قيمة التعويض فإنه قد يسكت
ليتفادى إضاعة وقته و وجع رأسه، لكنه بمجرد الخروج من مكاتب الشركة فإنه يتحول الى
اذاعة تشويه لصورة تلك الشركة بوصفها فاقدة لمبدأ الانصاف في التعويض و افتقارها
لاحترافية تعامل موظفيها مع العملاء.
تعليقات
إرسال تعليق