مصداقية شركات التأمين في مأزق
إن
قطاع التأمين يعاني تنوعا في المخالفات التي يرتكبها بعض الشركات، خصوصا شركات
التأمين الطبي، وقد أصدر مجلس الضمان الصحي التعاوني قرارات بإيقاع عقوبات بالإيقاف
على ست شركات تأمين طبي، بعد أن تلاعبت تلك الشركات بأنظمة ولوائح المجلس وأصدرت
وثائق تأمين دون استكمال المستندات المطلوبة، إضافة إلى وجود وثائق تأمين صحي
مخالفة، وقد قرر المجلس معاقبة خمس شركات بالإيقاف لمدد مختلفة، كما رفع المجلس
الإيقاف عن عدد من شركات التأمين الصحي، بعد أن صححت أوضاعها وتعهدت بالالتزام
بالمعايير والاشتراطات لنظام الضمان الصحي واللائحة التنفيذية.
إن
الإيقاف يفرض أن تقوم تلك الشركات بتصحيح أوضاعها تلك والالتزام بالمعايير
والاشتراطات التي تضمن جودة أداء سوق التأمين الصحي التعاوني، وحماية حقوق العملاء
بالدرجة الأولى، وتسليم بطاقات التأمين الصحي لكل العملاء الذين أصدرت لهم وثائق
تأمين، واستكمال المستندات المطلوبة، وعدم مخالفة جدول وثيقة الضمان الصحي
التعاوني المحدثة، وتوفير كتيب استرشادي يوزع على العملاء يحتوي على جدول المنافع
واستثناءات الوثيقة الموحدة لنظام الضمان الصحي التعاوني، ونطاق التغطية التأمينية
وحدودها، وشبكة مقدمي الخدمات المعتمدة، فالتأمين خدمة وليس مجرد تحصيل أموال من
العملاء لغرض الإثراء.
عدم
وفاء بعض شركات التأمين بالتزاماتها تجاه عملائها، دفع بعضهم إلى اتخاذ موقف مضاد
من نشاط التأمين، بل إن هناك من فرّق بين ما يجوز منه وما لا يجوز، باعتبار أن
الإخلال بعقد التأمين من خصائص التأمين التجاري، مجيزا منه التعاوني فقط؛ ولأن
التأمين خدمة تتضمن الالتزام بالتعويض وفق بنود كل وثيقة، وبحسب ما تغطيه من
أخطار، فإن القضية برمتها التزام ووفاء بالعقد قبل أي شيء آخر، فعلى الرغم مما
يقال عن تقسيم التأمين إلى تجاري وتعاوني، إلا أن العملاء يبحثون عن مصداقية
الشركة في التزامها وتعاملها الجاد مع طلبات العملاء بالتعويض من خلال مركز
المطالبات.
لقد
سبق لمجلس الشورى أن تناول في جلسة ساخنة حوارا مثيرا حول ملاءة والتزام شركات
التأمين، وطرح بعض الأعضاء حقيقة أن هناك شركات تأمين ''ورقية''، وأن الرقابة
عليها بدائية، ورغم هذا الوصف الذي يجدد ويكرر الملاحظات حول مدى الالتزام ومستوى
الخدمة ومنفعة العملاء من تلك الوثائق، فإن الإعادة قد تتضمن الإفادة للجهات المشرفة
والمراقبة على الأداء، في حين أن ما أورده بعض الأعضاء في مجلس الشورى هو معبّر عن
معاناة كثير من العملاء.
إن
الواقع يؤكد صحة هذه الملاحظة، فالرقابة الأخيرة يجب أن تكون للقضاء، ومع ذلك فإن
قضاء التأمين غير واضح بالشكل الكافي للعملاء وغير فاعل، وطريقه صعب وشاق ومكلف،
في حين أن أكثر المطالبات بمبالغ زهيدة تشجع بعض الشركات على المماطلة، وتدفع
العملاء لليأس من الحصول على التعويض أو التفاوض بشأنه، وهذا يشجع على الاستمرار
في مسلسل لا ينتهي أبدا بين طرفين، أولهما العملاء الملزمون بالتأمين، والآخر
الشركات غير الملزمة قانونا بالتعويض، متى أرادت أن تتهرب منه وتجعله في حكم
الميؤوس من تحصيله.
تعليقات
إرسال تعليق