مصر : سوق التأمين يهرب من المخاطر
صناعة التأمين
تعتمد فى الأساس على ترويض الخطر بمعنى تقليص معدلات تحققه، إلا أن شركات التأمين
تعاملت مع المخاطر بآلية مختلفة فبدلا من دراسته اكتواريا وتسعيره بما يتناسب مع
معدلات ومؤشرات تحققه هربت منه على الأقل فى عدد كبير منها من خلال زيادة
استثناءات التغطيات لأسباب مرتبطة- وفقا لمسئولى القطاع أنفسهم- بارتفاع خسائر تلك
المخاطر بما لا يتناسب مع الأقساط المحصلة، إضافة إلى تسارع وتيرة المضاربات
السعرية لتحقيق المستهدف من الأقساط على حساب الاكتتاب السليم والذى ينعكس
بالتبعية على مستوى الخدمة المقدمة للعميل خصوصا سداد التعويضات المستحقة فى حالة
تحقق الخطر.
من جهته برر محمد حسن رئيس مجلس إدارة شركة "الدولية" لوساطة التأمين لجوء شركات التأمين لزيادة الاستثناءات فى التغطيات بسبب عدم توافر وسائل الأمان وسوء التخزين لبعض البضائع، لافتا إلى أن زيادة الاستثناءات مرتبطة فى أحيان كثيرة بالمخاطر التى ترتفع معدلات تحققها وهو ما يكبد الشركات خسائر ضخمة خصوصا إذا كانت نسبة احتفاظها منها مرتفعة وبعض الشركات قد تلجأ إلى زيادة نسبة التحمل على العميل لتحفيزه على توفير وسائل الحماية الكافية خصوصا أنه يمثل فى تلك الحالة شريكا فى التعويض المستحق.
وأضاف أن استثناءات شركات التأمين تتركز فى فرع السيارات التكميلى من خلال استثناء مخاطر الشغب إضافة إلى السرقة والتى تتم تغطيتها وفرض نسبة تحمل تصل إلى 25% على العميل وتغطية خطر الشغب بملحق للوثيقة وليس ضمن شروط الوثيقة الأصلية.
ورفض حسن زيادة استثناءات الأخطار فى وثائق التأمين خصوصا أن صناعة التأمين تقوم على حماية العميل من الخطر بآليات محددة فنيا وماليا مثل الاكتتاب السليم بإجراء المعاينة الفنية له إضافة إلى التسعير العادل دون الدخول فى مضاربات سعرية مع اتخاذ التدابير اللازمة للحماية من هذا الخطر منها فرض نسبة تحمل على العميل وتقليص معدلات الاحتفاظ مع رده لدى شركات إعادة قوية ولديها من الخبرات ما يؤهلها لإدارة هذا الخطر وقدرتها على سداد التعويضات فى حالة تحقق الخطر.
من جهته أوضح وائل بدران رئيس قطاع التسويق والمبيعات بشركة "طوكيو مارين" للتأمينات العامة أن التأمين يعتمد على تغطية الخطر محتمل الحدوث او التحقق ولا تقبل الأخطار مؤكدة الحدوث، لافتا إلى أن قبول الخطر نفسه مرتبط بعاملين: الأول حجم الخطر المعنوى لأن المشكلة ليست فى الخطر ولكن فى وسائل تداوله والثانى مرتبط بإعادة الخطر أو قبول شركات الإعادة له.
وأضاف أن رفض شركة التأمين للخطر مرتبط بقدرتها على الوفاء بالتزاماتها حال تحققه بمعنى قدرة مركزها المالى على سداد حصتها من التعويض وكذلك فى حال عدم قبول شركات الإعادة له، لافتا إلى أن اتباع وسائل الأمان ومعايير السلامة يحصن شركة التأمين والعميل من أى تعويضات كارثية أو يقلص من معدل الخسائر الكلية وهو من محددات إدارة الخطر تأمينيًا إضافة إلى التسعير الفنى السليم.
وأشار بدران إلى أن عدم التزام العميل باتباع وسائل الأمان والحماية للمشروع المؤمن عليه أو ما يسمى موضوع التأمين يدفع شركة التأمين لعدم قبوله من الأساس، خصوصا أن عوائد التأمين ستتضاءل مقارنة بالتكلفة بمعنى أن الأقساط المحصلة لا تكفى لسداد التعويض لأن الخطر سيتحول من محتمل الحدوث أو التحقق إلى مؤكد التحقق وهو ما يخل بمبدأ التأمين الذى يعتمد على احتمالية التحقق.
وأضاف أن المركز المالى لشركة التأمين يشكل عنصرا رئيسيا فى قبول المخاطر فليس منطقيا قبولها خطرا ضخما رغم ضعف مركزها المالى بما لا يمكنها من سداد التعويض لأن ذلك يهدد المركز المالى لشركة التأمين من جهة، إضافة إلى تأثيره على سمعة القطاع وصناعة التأمين من أخرى.
وحول دور شركات التأمين وهل هى رد فعل للمخاطر أم أداة تنبوء أكد نزهى غليوم رفيق معهد التأمين القانونى بلندن وخبير التأمين الاستشارى، أن الإدارة تبدأ بمسح الأخطار بمعنى عدم انتظار الخطر ولكن تحديد أو تقييم الأخطار المحتملة فى المكان أو موضوع التأمين سواء ممتلكات أو أشخاصًا.
وأضاف أن الخطوة التالية هى تحديد أهم المخاطر ومدى احتمالية حدوثها والمتوقع حدوثها فى حال تحقق الخطر الأصلى بمعنى تحديد قيمة الخسارة المتوقعة فى حال تحقق الخطر المؤمن عليه.
ولفت غليوم إلى أن الخطوة التالية مرتبطة بمدى توافر الوسائل الهندسية لتفادى الخطر مثل وسائل الوقاية والأمان بهدف منع الخطر أو الحد من خسائره بأقل قيمة ممكنة، ثم تحديد الأخطار المتبقية وفى النهاية يتم اتخاذ قرار التأمين هل تأمين ذاتى أم نقلة لشركة التأمين.
وأشار إلى أن الخطوات السابقة لا تتبعها بعض الشركات فى أحيان كثيرة لذلك تحولت شركة التأمين إلى رد فعل للمخاطر، لافتا إلى ضرورة تولى خبير التأمين الاستشارى بإدارة الخطر وليس غيره ولذلك فلابد من أن تتوافر بعض العناصر أو الشروط فى الخبير الاستشارى منها شروط مهنية وفنية رافضا منح لقب الخبير الاستشارى لأفراد لمجرد عملهم فى جهة معينة فى قطاع التأمين وتسجيلهم فى سجلات الخبراء الاستشاريين لعدم إلمامهم بالعوامل والأمور الفنية والتى تتحكم بشكل رئيسى فى إدارة المخاطر وكيفية التعامل معها تأمينيًا.
ماهر أبو الفضل
ومروة عبدالنبى والشاذلى جمعة
تعليقات
إرسال تعليق