قطاع التأمين .. ومنعطف الطريق - آسيا أل الشيخ
لا يخفى على
الكثير أن قطاع التأمين يمر حاليا بالعديد من التحديات، التي تشكل منعطفا خطيرا
للقطاعات المختلفة. على سبيل المثال:
تراجع الأرباح
بشكل ملحوظ، القيود المفروضة على القطاع، وزيادة تكاليف الخدمات الصحية ما يؤدي
إلى ارتفاع تكلفة التغطية على شركات التامين. وتتمثل المشكلة الكبرى في القطاع، في
أن ثلاث شركات فقط تستحوذ على أكثر من 07 في المائة من أرباح القطاع بينما تتنافس
الشركات الأخرى على أقل من 07 في المائة من الأرباح فقط . والجدير بالذكر، أن شركة
بوبا المتخصصة في تقديم خدمات التأمين الصحي تستحوذ على نسبة 81 في المائة من
أرباح القطاع على الرغم من أنها لا تقدم إلا خدمات التأمين الصحي. ويمكن القول إن
شركات التأمين أمام منعطف خطير ذلك لأن التحديات الحالية تهدد استمرار الشركات
بتقديم خدماتها.
كما أن العديد
من شركات القطاع باتت تشكو صعوبة استقطاب أفضل المواهب والكوادر المؤهلة في
القطاع، إضافة إلى ارتفاع تكلفة تلك المواهب متى وجدت،
علما بأنه غالبا ما يكون التدريب داخل الشركة على رأس العمل. هنا تبرز لنا فرصة
معالجة هذا التحدي عن طريق مبادرة جماعية بين مختلف شركات القطاع تضاف إلى سجل
إسهامات الشركة في مجال المسؤولية الاجتماعية، وذلك بتصميم برنامج متخصص لإيجاد
الكفاءات وتأهيلهم للخروج بأفضل نتيجة ممكنة لتلك الشركات. ونقترح أن يكون البرنامج
متدرجا بحيث تنظم آلية الموظف المستجد حديث التخرج، ومن ثم يمكن العودة إليه لاحقا
بعد مدة زمنية محددة لتلقي مستوى أعلى من التدريب، وكذلك يستمر تدرج الموظف حتى
يصل إلى المستوى المأمول. ويمكن تشبيه طبيعة عمل البرنامج بالمعهد المصرفي الذي
أصبح أهم مزود للقطاع المصرفي بأفضل الكوادر المؤهلة.
وأمام هذه
التحديات التي ذكرناها، لا يمتلك عديد من شركات التأمين المتعثرة إلا حلين لا ثالث
لهما، إما زيادة رأس المال بعد تلبية جميع متطلبات مؤسسة النقد، مع الإشارة إلى أن
تلبية تلك المتطلبات لا تعني مصادقة المؤسسة على جدوى الخطة الاستثمارية المقدمة
من قبل الشركة على مدى خمس سنوات. أما الحل الثاني، فيتمثل في عمليات الاندماج
والاستحواذ من قبل شركات أخرى. ذلك لأن زيادة رأس المال ليست الحل الأمثل، خاصة في
هذه المرحلة المتأخرة. لأن القطاع يعاني في الأساس مشكلات هيكلية كبيرة على مستوى
القطاع وعلى مستوى الشركات وبالتالي ما قد يحصل هو "تآكل رأس المال".
لذا، فإن فكرة الاندماج مع شركات أخرى تمثل الحل الأفضل على المديين القصير
والمتوسط، إذ إنه من الصعب جدا قدرة تلك الشركات المتعثرة على القيام بتغييرات
جذرية خلال فترة وجيزة تؤدي إلى تصحيح المسار، ورغم صعوبة عمليات الاندماج بالسوق
نظرا لأن العديد من شركات التأمين لديها أسهم محدودة وتتداول عند مستويات سعرية
عالية، بمعنى أن القيمة السوقية الحالية لشركات التأمين لا تعكس بأي حال من
الأحوال القيمة الحقيقية لتلك الشركات، ما يشكل تحديا كبيرا يتمثل في تحديد سعر
الاندماج لتلك الشركات حال حدوث أي عملية اندماج إلا أنه يبدو الخيار الأفضل.
وفي ظل
التنمية التي تعيشها البلاد في عديد من القطاعات، فإن الفرص التأمينية الواعدة
موجودة وستنمو بنمو حجم الأعمال، ذلك أن قطاع التأمين له دور كبير في توزيع
المخاطر لجميع الشركات ولا سيما الصناعية منها، إلا أن القطاع يجب أن يشهد عملية
إعادة هيكلة كبيرة أولا تمكنه من الاستفادة من الأمثل لعديد من الفرص الواعدة.
التي من المتوقع أن تكون في جميع مجالات التأمين إلى جانب نمو متوقع في قطاع
التأمين الصحي الذي يمثل أكثر من 57 في المائة من إجمالي القطاع.
وأخيرا، يتحدث
الكثير عن كون السبب الرئيس للمشكلات التي يواجهها القطاع هو سماح هيئة السوق
المالية لعديد من شركات التأمين بدخول السوق، في حين أن السوق لا يمكنه استيعاب كل
تلك الأعداد من الشركات، ورغم أن هذه المقولة تحمل قدرا معقولا من الصحة، إلا أن
الوضع الراهن يحتم علينا إيجاد الحلول بدلا من تسخير الجهود بوضع اللوم على أي جهة
كانت، فليس هذا الوقت المناسب للبكاء على اللبن المسكوب.
تعليقات
إرسال تعليق