حلول مقترحة لصناعة التأمين الأردنية - أ. د. مأمون نديم عكروش
لقد سبق أن تم الإشارة في مقال سابق
أن المشكلة الجوهرية في صناعة التأمين الأردنية تكمن في ضعف الجوانب التسويقية
والادارية والفنية والتكنولوجية كأساس إستراتيجي لعمل شركات التأمين. هناك مجموعة
من الحلول المقترحة التي يمكن ان تساهم في تحسين اداء شركات التأمين ومساهمة هذا
القطاع الحيوي في الناتج القومي الاجمالي. أما الحلول المقترحة فهي تكمن في ان
تتخذ ادارة شركة التأمين قراراً استراتيجياً باعتبار التسويق احد الاركان الرئيسية
في عمل شركة التأمين بحيث يكون جوهر عمل الشركة وجميع انشطتها العميل والعمل على
زيادة مستوى رضاه. وهذا يتطلّب العمل على تطوير استراتيجية مؤسسية شاملة بحيث تعمل
على وضع تصور واضح لمستقبل الشركة وتكون خطة عمل رئيسية بما ينسجم مع التطورات
الحاصلة في السوق.
الخطوة اللاحقة تطوير استراتيجيات تسويق متكاملة قادرة على تحسين اداء الشركة المالي وغير المالي، حيث أنّ وجود استراتيجيات تسويقية منسجمة مع واقع الشركة سيؤدي الى زيادة رضى العملاء وانخفاض معدلات دورانهم لدى الشركة مما يؤدي الى زيادة ارباح ومبيعات شركة التامين وبالتالي تحسين الاداء على المدى البعيد.
إن الطريقة التي تتم بها معالجة مطالبات العملاء حالياً لدى العديد من شركات التأمين ساهمت وما زالت تساهم في تكوين انطباعات سلبية عن شركات التأمين وصناعة التأمين بشكل عام. هناك حاجة أيضاً لإعادة هندسة انشطة وعمليات شركات التأمين بحيث تكون واضحة ومتسلسلة وتفترض وجود العميل في قلب هذه الانشطة والعمليات مما ينعكس على تحسين القدرة التنافسية للشركة نظراً لتقليص الوقت والجهد والكلفة المطلوبة لاداء خدمات التأمين. هذا سيمكّن الشركات من بناء قدرات وامكانيات من الموارد البشرية سواء التسويقية او الادارية او الفنية أو الإكتوارية أو البيعية أو المساندة بحيث تكون هناك موارد بشرية، وليس إدارة أفراد، قادرة على قيادة الشركة بالاتجاه الصحيح لتحقيق مستويات الاداء المرغوب بها.
أما على مستوى صناعة التأمين، فإن هناك حاجة للتوجه نحو تأسيس معهد تدريب اردني متخصص في التدريب على جميع انواع التأمين والجوانب المتعلقة به وفقاً للمعايير الدولية المعتمدة في الدول المتقدمة تأميناً لرفد قطاع التأمين الاردني بكوادر تأمينية مؤهلة لتطوير صناعة التأمين على اسس مهنية عالمية.
ولا بد لهكذا معهد من العمل على منح شهادات مهنية محترفة على غرار معاهد التدريب المحترفة في العالم. أضف إلى ذلك، يجب وضع انظمة وسياسات مالية ذات كفاءة عالية لدى شركات التأمين بحيث يمكن من خلالها اجراء كافة التعاملات المالية للشركة وفقاً لمعايير دولية واجراء كافة اعمال التحليل المالي اللازمة لبيان مدى قدرة الشركة على استثمار واستغلال مواردها بالشكل المطلوب. هذا أيضاً يتطلّب التركيز على تبني تكنولوجيا المعلومات في ممارسة كافة اعمال شركات التأمين واستغلال التطور التكنولوجي المعلوماتي الهائل في مجال في عمل التأمين. حيث أن هناك العديد من الشركات في العالم حققت قفزات نوعية في اعمال التأمين عن طريق تكنولوجيا المعلومات. ولا بد من العمل على إنشاء بنك معلومات وطني خاص بأعمال التأمين وذلك بالاشتراك بين شركات التأمين والاتحاد الاردني لشركات التأمين والجهات الحكومية ذات العلاقة لتوفير المعلومات الضرورية لكافة الاطراف واجراء العديد من الدراسات والابحاث اللازمة لتطوير هذه الصناعة الضرورية.
وحتى يكتمل التصوّر الاستراتيجي لصناعة التأمين يجب الاهتمام بتطوير اعمال الوسطاء والوكلاء في مجال التأمين وإغناء قدراتهم الادارية والتسويقية والفنية والإكتوارية والبيعية وعلى اسس متينة من الاحتراف كأحد المداخل الهامة لتطوير صناعة التامين. حيث انه من الواضح ان اعمال الوسطاء والوكلاء بحاجة لمزيد من العمل وبحاجة ماسة للتحسين والتطوير كأحد اركان العمل التأميني في الاردن. وتجدر الاشارة الى ان معظم صناعات التأمين المتقدمة عالميا تقوم اساسا على وجود وسطاء ووكلاء تأمين على درجة عالية من التدريب والإحتراف ومن جميع النواحي التأمينية أكثر من وجود شركات تأمين!
وهناك حلّ جوهري آخر يعتمد على تشجيع الإندماج بين شركات التأمين بحيث تكون لديها الملاءة المالية والفنيّة والاكتوارية اللازمة في السوق وزيادة قدرتها التفاوضية مع شركات إعادة التأمين العالمية بدلاً من أنّ تكون شركات التأمين وكلاء لإعادة شركات التأمين العالمية! وأخيراً وفيما يتعلّق بقضية نشر الوعي التأميني، فيجب المبادرة لتبني استراتيجية وطنية لنشر الوعي التأميني في الاردن كونه أحد ضرورات الحياة المعاصرة. حيث ان ضعف الانشطة التسويقية لدى العديد من الشركات التأمين ادى الى عدم وجود وعي تأميني كافِ وبالتالي قصور الثقافة التأمينية مما انعكس على صعوبة عملية تسويق التأمين والتي هي اصلا صعبة.
هذا يجب أن يتزامن مع مبادرة شاملة لقطاع التأمين بحيث تتحمل شركات التامين جزء المسؤولية الاجتماعية وخدمة المجتمع وذلك من خلال العمل على رعاية الاحداث والمناسبات الاجتماعية التي تعود بالفائدة على المجتمع ويؤدي الى تحسين صورتها في اذهان المجتمع وبالتالي تسهيل عملية تسويق التأمين لديها مستقبلاً.
تعليقات
إرسال تعليق