شركات التأمين والهاجس المزعج - د. عباس العصيمي
أصبحت شركات التأمين الهاجس المزعج لكل
مواطن تتعرض مركبته لحادث لا ذنب له فيه، فأول صدمة يتلقاها هو معرفته بوجود تأمين
لدى الطرف المقابل، لأن أغلب هذه الشركات مع الأسف الشديد، لا تفي بالتزاماتها،
فضاع من جراء ذلك الكثير من حقوق المواطنين، وقد اتضح أثر هذا الضرر على محدودي
الدخل بشكل أكبر، ولك أن تتخيل مواطناً راتبه لا يتجاوز 7000 وتتعرض مركبته لحادث
لا ذنب له فيه، وقد يتجاوز إصلاحها 10آلاف، فيمكث عدة أشهر ينتظر مبلغ التعويض لكي
يتمكن من إصلاحها.
هذه الصورة
التي أشرنا إليها توضح أن هناك خللاًَ ما، ولكن أين موقع الخلل، هل الخلل في من
وضع النظام؟ أم في عدم مراقبة هذه الشركات، ومعاقبة المقصر منها؟، ومن خلال إطلاعي
على وثيقة التأمين الموحدة، وجدت أن الوثيقة تحتوي على عدة فقرات جيدة، تكفل لكل
من الشركة، والمؤمن له حقه. وبما أن التأمين الشامل يحتوي على العديد من الفقرات،
التي تحتاج إلى تفصيل، لذا سأقتصر على التأمين ضد الغير.
ومن أبرز
الفقرات التي اطلعت عليها حول التأمين ضد الغير: أن الشركة يلزمها الوفاء بتعويض
الغير في مدة لا تتجاوز 15 يوما، ولا يحق لها أن ترفض التسوية، وفي حال تأخرها،
فللمتضرر أن يطالبها بإيجار سيارة بديلة عن الأيام التي تأخرت فيها. ولها (أي
الشركة) حق الرجوع على الطرف المؤمن له بعد الدفع للغير إذا كان لديه بعض
المخالفات حسب الأنظمة، وبالطرق النظامية، ومن وجهة نظري أن هذه الفقرة عادلة
للطرفين. ولكن ما أود أن أشير إليه، كان بودي أنه في حالة تأخر الشركة عن الدفع،
تقوم مؤسسة النقد بدفع المبلغ للمتضرر في الحال من الضمان البنكي للشركة، مع توجيه
إنذار لها، إضافة إلى فرض غرامة مالية رادعة، حتى لا تتكرر المخالفة مرة أخرى.
ما دعاني إلى
كتابة هذا المقال، هو مشهد محزن رأيته عند إحدى الشركات، حيث رأيت تكدس العديد من
المراجعين، ومن خلال حديثي معهم، عرفت أن البعض له أكثر من ثلاثة أيام يحضر، لمجرد
تسليم مطالبته ولم يستطع ذلك، والبعض منهم له ثلاثة أشهر ينتظر تعويضه، بل إن
البعض أقسم لي، بأن له ستة أشهر وهم يماطلونه بوعود لا يلتزمون بها، والأدهى من
ذلك أن أحدهم قال: إن مبلغ تعويضي 24 ألفاً، فطلبوا مني أن أتنازل عن 4000 حتى
يدفعوا لي، فلم يسعني إلا الموافقة، ومما زاد حزني واستغرابي أن معظم من رأيت هم
من فئة العمالة والبسطاء الذين تتفطر القلوب من شكواهم، لما يشعرون به من الظلم،
وكأنهم متسولون، وليسوا أصحاب حقوق مشروعة ومكفولة بموجب النظام.
وهنا كلمة
أخيرة أوجهها للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) أنتم تبحثون عن الفساد الباطن
وتحققون فيه، وتسافرون مئات الأميال من أجله، وهذا فساد ظاهر تنتشر مكاتبه قريبا
منكم، ولا يحتاج إلى إثباتات. لذا أتمنى القيام بجولات ميدانية على هذه المكاتب،
والتأكد من وفائها بالتزاماتها، لاسيما وأن المحافظة على المال العام وحقوق
المواطنين من أولوياتكم التي أعلنتموها.
همسة:
"لماذا نتهاون في تطبيق الأنظمة، ثم نتباكى على تفشي الفساد".
تعليقات
إرسال تعليق