إتهام شركات التأمين السورية بالتهرب من التعويض
يعاني القطاع الصناعي السوري من
مشكلات عديدة تنوعت بين انخفاض الإنتاج وارتفاع تكاليفه، أو حتى توقفه،
بالإضافة إلى تعرض جزء من المنشآت الصناعية للحرق والضرر والتخريب وحتى الدمار
الكامل.
وتأمّل العديد من الصناعيين ممن قاموا
بالتأمين على منشآتهم منذ بدء تشييدها لدى شركات التأمين السورية أن يجدوا في هذه
الشركات اليد التي تمتد لتساعدهم عندما احتاجوا ذلك بعد سنوات طويلة قضوها في دفع
الاقساط التأمينية المترتبة عليهم، ولكن وبحسب أكثر من صناعي التقاهم
"الاقتصادي" فقد "تنصلت هذه الشركات من مسؤوليتها ورفضت دفع
التعويضات بحجج مختلفة وفقاً للصناعيين، ومع ذلك لا غنى للصناعي عن التأمين فهو
المظلة لحماية كل نشاط اقتصادي، وخصوصاً في حال تزايد الأخطار المحتملة كما هو
الواقع الحالي".
الصناعيون يتحدثون عن تجاربهم
واشتكى الصناعي إيليا سركيس، والذي
يمتلك عدة مصانع في ريف دمشق، لـ"الاقتصادي" من تعامل شركات التأمين
قائلاً: "لقد قمت بالتأمين على معاملي مثلي مثل العديد من الصناعيين، وهذا
التأمين يشمل حالات الشغب واستخدام الاسلحة بما يساوي الارهاب، وللأسف تعرضت معظم
منشآتي للتخريب وكإجراء طبيعي توجهت للشركة التي قمت بالتأمين لديها".
وأضاف سركيس "للأسف كان جواب
الشركة بأن العقد لا يلزمها دفع تعويض في حالات الحرب، وطلبوا مني التوجه للقضاء
للمطالبة بما أراه حق لي، والكل يعلم الروتين والمماطلة في القضاء وقد يحتاج الامر
لسنوات لصدور الحكم، ومع ذلك فقد توجهت للقضاء برفع دعوى على الشركة، وبعد مضي
تسعة أشهر لم يقم القضاء بتحويل القضية للتحكيم أو متابعتها كدعوى".
وأوضح صناعي آخر تعرض معمله لحريق
وقام بتوثيق ذلك لدى الجهات المختصة وحاول المطالبة بالتأمين، إن شركات التأمين
لديها نفوذ قوي في القضاء كما أنها ماهرة في ادخال الاستثناءات ضمن عقد التأمين من
خلال بعض الكلمات الصغيرة الموجودة في نهاية العقد، والتي في الغالب لا يدركها
المؤمّن، وأضاف "ما أطلبه أن أحصل على حقي في التعويض على الأضرار الهائلة في
معملي، وأتمنى أن ينصفني القضاء، وفي المقابل كيف تقوم شركات التأمين بتوقيع عقود
لا تستطيع تنفيذها أم أنها لا تعرف إلا الحصول على الأقساط والأرباح".
صناعة دمشق تتواصل مع الحكومة لحل
الإشكال
وفي السياق، أكدت "غرفة صناعة
دمشق"، في تقرير أصدرته وحصل "الاقتصادي" على نسخة منه حول ملف
أضرار القطاع الصناعي الذي تتابعه الغرفة، على وجود الكثير من الشكاوى التي وصلت
إلى الغرفة من الصناعيين تتحدث عن تهرب شركات التأمين الخاصة العاملة في سورية من
مسؤولياتها المترتبة عليها بموجب عقود التأمين المبرمة مع أصحاب الفعاليات الخاصة
المتضررة.
وبناءً على الشكاوى أجرت الغرفة
اتصالات مع مكتب المتابعة لدى رئاسة "مجلس الوزراء"، والذي طلب تزويده
بحالات واقعية لمنشآت صناعية مؤمّن عليها تضررت بسبب التخريب ولم تلتزم شركات
التأمين بتعويضها، وأعدت الغرفة بعد ذلك ملفاً يتضمن عينة من الشركات وعددها 13
شركة متضررة، للاستفسار عن كيفية تغطية شركات التأمين للأضرار الناجمة عن السرقة
والحرائق، وتم تزويد رئاسة "مجلس الوزراء" بحالتين من الشركات المتضررة
والمؤمنة، والتي لم تقم شركات التأمين بتغطية أضرارها، وبناء عليه أرسلت
"هيئة الإشراف على التأمين" كتاباً إلى غرفة الصناعة تبلغها فيه أن جميع
وثائق التأمين النموذجية الصادرة في مختلف أنحاء العالم ومنها سورية تستثني أخطار
الإرهاب والعنف السياسي ولا تستطيع أي شركة تأمين في العالم تحملها دون إعادة
تأمين وبنسبة عالية جداً غالباً ما تكون 100%.
شركات التأمين توضح
ومن جهته أفاد المدير العام لشركة
"سولدارتي" للتأمين بدري فركوح، أن شركات التأمين ومن خلال خبرتها
الفنية وملاءتها المالية والاحتياطات المالية الكبيرة التي ترصدها لتغطية الاضرار
التأمينية واحتسابها للمخاطر العامة، تستطيع التعويض عن أي أضرار تصيب المؤمّنين
لديها.
وأكد فركوح بأنه من المعروف أن أخطار
الحرب والإرهاب غير مشمولة في عقد التأمين الأساسي، حيث إن إضافتهما يتم عن طريق
ملحق أو عقد إضافي لهذه التغطية، ولكن نستطيع أن نؤكد بأننا ورغم تَمنُع عدد من
شركات الإعادة على تحمل الأخطار المطروحة ونظراً للأحداث الراهنة التي تمر بها
البلاد والتي أثرت بشكل سلبي في سوق التأمين بالإجمال، قدمنا العديد من العروض
التي تم رفض معظمها من المنشآت طالبة التأمين لعدم القدرة المالية أو لأسباب أخرى
لم يتم التصريح عنها.
في حين بيّن مدير المبيعات في شركة
"العقيلة للتأمين التكافلي" خالد الشربجي لـ"الاقتصادي"، أن
معظم العقود التي أمنتها الشركة سابقاً لا تشمل الحروب والإرهاب، "ولم نتنصل
من أي عقد تأميني تمّ لدينا طالما الضرر مشمول في العقد، ولكن هنالك مشكلة في
شركات إعادة التأمين والتي هنالك صعوبات كبيرة بالتعامل معها، ومن خلال العلاقات
الوطيدة والثقة المتبادلة بيننا وبين بعض هذه الشركات نستمر بتقديم الخدمات
التأمينية للأفراد والشركات".
وتابع الشربجي قوله :"نحن نقوم
حالياً بتأمين نقل البضائع والمواد الأولية للصناعيين مع شركات إعادة التأمين وذلك
حسب الحالة الأمنية على الطرق العامة، ولا نقوم بالتأمين في حال وجود خطر حقيقي
على الطريق الذي ستتبعه الآليات، فلابد من خلق ثقة مع المؤمّنين وشركات إعادة
التأمين من أجل حصول الجميع على حقوقهم".
شركات التأمين السورية محرومة من
إعادة التأمين
وأكد مصدر في "وزارة
المالية" لـ"الاقتصادي"، على أن شركات التأمين دائماً تسعى لتحقيق
الربح وتكثر من وضع الاستثناءات في العقود التأمينية، وللأسف فعندما قامت بعض
الشركات بتوقيع عقود تأمين كانت تعلم أنها غير قادرة على تنفيذها، ونحن نعلم أن
شركات التأمين السورية بالمجمل محرومة من إعادة التأمين إلا في الحدود الدنيا، حيث
قامت شركات إعادة التأمين العالمية بإلغاء عقودها مع الشركات السورية بشكل تعسفي،
وهذا ما خلق معاناة للشركات الخاصة والحكومية، لافتاً إلى أن سعي "السورية
للتأمين" للتعاقد مع شركات إعادة تأمين هندية وماليزية مستمر دون الوصول
لنتيجة، وأضاف "على سبيل المثال فمؤسسة الطيران العربية السورية ليس لديها
تأمين وتقوم وزارة المالية بضمانها لدى الدول التي تمر فوقها، والأمور تمر بشكل
مقبول".
وكان مدير عام "الهيئة العامة
للإشراف على التأمين" إياد الزهراء، أن شركات التأمين الوطنية استطاعت تنظيم
اتفاقيات إعادة التأمين اللازمة لعملها خلال 2014، ولكن بشروط أصعب من الأعوام
السابقة، "معيارها غالباً التغير الكبير في أسعار صرف الدولار من 2012 حتى
الوقت الراهن".
يذكر أن "شركة الاتحاد العربي
لإعادة التأمين" خسارة أي شركة تأمين في ميزانية 2013، مشيرة إلى تحقيق أرباح
تزيد عن ما تم تحقيقه في 2012.
محمد وائل الدغلي
تعليقات
إرسال تعليق