30% من الأمريكيين الذين تعرضوا لإصابات عمل لن يتمكنوا من العودة إلى أعمالهم مجدداً
أكد أطباء ومحامون وأكاديميون وممرضون
أميركيون لـ"إيلاف" أن نحو 30% من العمال الذين يتعرضون للإصابة أثناء
أدائهم العمل في الولايات المتحدة الأميركية يواجهون خطر البطالة وقد لا يتمكنوا
من العودة إلى أعمالهم بشكل سريع، خاصة هؤلاء العمال الذين يقومون بمهام صعبة
وخطيرة مثل عمال البناء والنظافة الذين يسقطون من الطبقات العليا، وغيرهم من الذين
يعتمدون على قوتهم البدنية في العمل.
أسباب الأزمة تتراوح مسؤوليتها بين
شركات التأمين التي ترفض تغطية كافة نفقات العامل العلاجية، إذا كانت الإصابة
تستدعي علاجاً لوقت طويل قد يمتد لمدى الحياة وبين صاحب العمل الذي قد لا يرغب في
انتظار العامل حتى تنتهي مدة علاجه ويسعى الى فصله وتعيين بديل آخر عنه، خاصة اذا
زادت فترة العلاج عن ثلاثة اشهر، والتي تصل في بعض الحالات والإصابات الخطيرة الى
نحو 3 أعوام، وقد تكون إصابات مزمنة ودائمة تستدعى فترات علاجية طويلة.
وذلك لأن صاحب العمل يتحمل تكاليف
ومسؤولية مادية تجاه العامل المصاب، لأنه وفق القانون الأميركي فإن صاحب العمل
ملزم بدفع نسبة تتراوح بين 60-65 من إجمالي راتب العامل الذي أصيب أثناء العمل
طوال فترة تلقي العامل العلاج وحتى يعود إلى عمله. ويكون ذلك الراتب خاليًا
من الضرائب أي يستفيد العامل بتلك النسبة من راتبه دون اقتطاع أي جزء منها
للضرائب. وأضافوا أن نسبة 40% من العمال الذين يتعرضون لإصابات عمل خطيرة لا
يعودون الى أعمالهم قبل مرور نحو 15 شهرا من العلاج.
مؤتمر إصابات العمال
جاء ذلك على هامش مؤتمر "إصابات
العمل وتعويضات العمال في الولايات المتحدة الأميركية" الذي انطلق اليوم في
منطقة ولثام بولاية ماساتشوستس، وتنظمه مجموعة من الأطباء والمهندسين الطبيين
العرب في الولاية برئاسة البروفيسور طوني تنوري رئيس قسم جراحة العمود الفقري والظهر
بجامعة بوسطن، والمهندس حسان سرحان مدير قسم الهندسة الطبية في احدى الشركات
الطبية الكبرى في ماساتشوستس والطبيب اللبناني رجا الشفتري أستاذ جراحة العظام في
الجامعة اللبنانية في بيروت.
ويشارك في هذا المؤتمر أطباء وممرضون
ومحامون وقضاه وأساتذة جامعات وعمال في وظائف مختلفة من مختلف الولايات الاميركية،
لبحث قضية إصابات العمل التي يتعرض لها العمال أثناء العمل والتي يدور حولها لغط
كبير في الولايات المتحدة، من حيث رفض بعض شركات التأمين سداد تكاليف علاج العامل
المصاب واتهامها له بأن الإصابة وقعت خارج إطار العمل. وكذلك إمكانية قيام بعض
العمال بادعاء الإصابة أثناء العمل من أجل الحصول على إجازة مدفوعة الأجر خالية من
الضرائب من صاحب العمل، هذا فضلا عن دخول بعض العمال المصابين في إجراءات قانونية
وقضائية طويلة قد تصل إلى 3 سنوات مع شركات التأمين التي ترفض سداد تكاليف علاجهم
والتعويضات اللازمة لهم وطوال تلك الفترة يتحملون وحدهم تكاليف علاجهم التي قد تصل
الى مبالغ كبيرة.
ويهدف المؤتمر الى جمع كل الأشخاص
المشاركين في عملية تعويض العامل أي كل أطراف العملية التعويضية من قضاه وأطباء
وممرضين ومحامين، وذلك من أجل خلق طريقة سريعة وفعالة لمعالجة المعاناة الكبيرة
التي قد يتعرض لها العامل عند وقوع أي حادثة له أثناء أدائه مهام عمله، وحتى تتم
معالجته بشكل سريع وفعّال حتى يسهل علاجه ويتمكن من العودة للعمل مجددا.
عدم الرغبة في العودة للعمل
وقال جون بوريس المدير الطبي لقسم
مرضى إصابات العمل في مركز ياوكي امبولاتوري الطبي بولاية ماساتشوستس التي تقع
شمال شرق أميركا لـ"إيلاف" إن بعض العمال يرفضون العودة لأعمالهم مرة
أخرى لأنهم يشعرون انهم ضحايا وان صاحب العمل أهمل في حمايتهم. لافتا الى ان نحو
10-15% من العمال المصابين الذين يتعالجون لديه لا يرغبون في العودة لأعمالهم مرة
أخرى، وان حالتهم النفسية تكون سيئة للغاية، ويعتقدون ان أماكن عملهم غير آمنة،
وبالتالي يخشون تعرضهم لإصابات مماثلة مجددا في حالة رجوعهم لنفس العمل مرة
أخرى.
وأشار بوريس إلى أن شركات التأمين
المتعاقد معها صاحب العمل ملزمة بسداد كافة نفقات علاج العامل المصاب. وان صاحب
العمل ملزم كذلك بالاستمرار في إعطاء العامل راتبًا شهريًا خلال فترة علاجه وحتى
يعود للعمل. لكنه افاد بأن "بعض العمال يرغبون في إطالة فترة العلاج
للاستفادة من البقاء في المنزل والحصول على راتب بدون قيامهم بأداء أي عمل
وبالتالي يرفضون الانتظام في تلقي العلاج.. وفي تلك الحالة يمكن لصاحب العمل
القيام بطرد العامل الذي يلجأ الى تلك الطرق".
وأوضح بوريس أنه لا يوجد هناك أي
تواطؤ من قبل الطبيب مع المريض، وان شركة التأمين المتعاقد معها صاحب العمل هي من
تحدد الطبيب المعالج للعامل المصاب، وان الطبيب هو بالتالي الذي يمكنه ان يحدد بكل
دقة متى يمكن للعامل ان يعود الى عمله دون ادنى مجاملة له. وأضاف أنه طبيب يهتم
بعلاج العمال المتعرضين لإصابات أثناء العمل، ويساعدهم على العودة لأعمالهم ويقوم
بكتابة التقارير الدورية عن حالتهم الصحية والنفسية ومدى قدرتهم على العودة للعمل
ويقدمها لشركات التأمين وأصحاب العمل والجهات المختصة مثل المحاكم في حال تطور
النزاع بين المريض وشركات التأمين وصاحب العمل.
تكاليف التأمين
وأوضح مايكل كيلي استشاري التأمين،
ونائب المدير في شركة تأمين ميام نيوترو لـ"إيلاف" أن شركات التأمين في
أميركا تدفع سنويا مبالغ ليست بالقليلة لعلاج إصابات العمل التي يتعرض لها العمال.
وان نحو 1000 دولار تصرف سنويا لكل موظف من شركات التأمين على العلاج كأقل تقدير.
منوها بأن هناك 30 ألف حادثة تعرض لها العمال اثناء أدائهم أعمالهم في العام
الماضي 2013 بولاية ماساتشوستس وحدها، ناهيك عن العدد الذي يمكن ان ينتج لو تم جمع
مصابي كافة الولايات الأميركية. وان نسبة نحو 2% من هؤلاء العمال أي ما يقدر بنحو
6000 عامل تكون اصابتهم خطيرة.
وكشف كيلي عن ان الإصابات المتوسطة
تحتاج فترة علاج تتراوح بين شهرين وثلاثة أشهر حتى يمكن للعامل ان يعود الى عمله.
اما الإصابات الخطيرة فتحتاج الى فترة تتراوح بين عام و3 أعوام، اما حالات العجز
الشامل فتحتاج علاجًا مدى الحياة. وهنا تلتزم شركة التأمين بتحمل تكاليف علاج
المريض طوال حياته. ولفت الى ان نسبة 1% من العمال المصابين سنويا يحدث لهم عجز
شامل يتطلب علاجهم مدى الحياة ولا يعودون الى أعمالهم.
إجراءات التقاضي طويلة
ومن جهته اشار المحامي مايكل ريدي
لـ"إيلاف" الى انه عندما ترفض شركة التأمين او تمتنع عن تحمل تكاليف
علاج العامل المصاب فإنه يمكن للعامل ان يلجأ الى محامٍ لرفع دعوى قضائية ضد شركة
التأمين، لأن كل العمال لديهم الحق في الحصول على تأمين صحي. مبينا ان إجراءات التقاضي
في مثل تلك القضايا تتراوح بين عام وثلاثة أعوام، وهي فترة طويلة يتحمل فيها
المريض تكاليف علاجه بنفسه، وانه اذا أصدرت المحكمة حكمها بالزام شركة التأمين
بتغطية كافة نفقات العلاج للمريض فإنها تكون ملتزمة بسداد كل ما قام المريض بسداده
خلال فترة التقاضي وما ينتج عنها في المستقبل.
كما تلتزم بسداد أتعاب المحاماة
والتقاضي أيضا. وانه لو خسر العامل القضية فإنه يتحمل ما قام بسداده من تكلفة
علاجه ولكن لا يتحمل مطلقا أي اتعاب تقدم للمحامي. وكشف ريدي عن ان هناك اكثر من
10 آلاف عامل يرفعون دعاوى قضائية سنويا امام المحاكم ضد شركات التأمين التي ترفض
تغطية نفقات علاجهم.
محقق خاص
وذكر مايكل شور "ممرض معالج
لمرضى حوادث العمال" في معهد الرعاية الصحية بولاية ماساتشوستس
لـ"إيلاف" أن شركات التأمين لديها بعض النقاط التي يتطلب توفرها في
الحادث الذي يتعرض له العامل حتى تقوم بالموافقة على تغطية نفقات علاجه والا فلن
توافق على تغطيتها، وهذا يتوقف على التقرير الذي يقدمه كل من صاحب العمل والطبيب
المعالج الى شركة التأمين ووقت الإصابة وهل هي تمت خلال وقت العمل الرسمي وداخل
مكان العمل ام انها وقعت خارجه وليس لها علاقة بالعمل؟ وهل هي نتيجة إصابة سابقة
للعامل ام انها إصابة حديثة؟.
ومضى شور يقول "لو شعرت شركة
التأمين ان العامل يحتال عليها وان اصابته تلك محل شك فإنها تقوم بتحويل الموضوع
الى محقق خاص (تحرٍّ خاص) يقوم بمراقبة العامل حول منزله وفي أي مكان آخر يذهب
اليه حتى اذا سافر العامل الى ولاية أخرى غير تلك التي يقطن فيها فإن المحقق الخاص
يذهب لمراقبته للتأكد وجمع المعلومات عن ذلك العامل وكيفية وقوع الإصابة له، كما
يخضع العامل لاختبارات طبية دقيقة". منوها إلى أن بعض العمال الذين تعمل
زوجاتهم ولديهم أبناء يلجأون الى ادعاء الإصابة حتى يحصلوا على إجازة مرضية مدفوعة
الأجر ويبقون مع أبنائهم في المنزل لفترة ما.
مبينا ان 5%
من العمال في ولاية ماساتشوستس يدعون الإصابة سنويا، وتتم
مراقبتهم عبر المحقق الخاص. وقال "نسبة 3-5% سنويا من عمال الولاية الذين
يتعرضون لإصابات خطيرة لا يعودون بالفعل الى أعمالهم مرة أخرى.. وان هؤلاء العمال
يرغبون في تغيير أعمالهم الى اخرى".
تعليقات
إرسال تعليق