عشرة دروس من قانون التأمين الصحي القطري بقلم د/صديق الحكيم
أصدر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر يوم 3
يونيو 2013 القانون رقم (7) لسنة 2013 بشأن نظام التأمين الصحي الاجتماعي وهو حدث
كبير ومهم بالنسبة للعاملين في مجالي الصحة والتأمين ليس في قطر وحدها وإنما علي
مستوي منطقة الخليج العربي بل والشرق الأوسط كله وذلك لأمور عدة أهمها فتح سوق
جديد لصناعة التأمين الطبي ومايرتبط بها من توظيف واستثمار وكذلك فتح سوق واعد
لمقدمي الخدمات الطبية من جميع أنحاء العالم وفي رأيي يكتسب إصدار هذا القانون
أهمية لنا في مصر لأننا علي أعتاب إصدار قانون جديد للضمان الصحي مع الفارق في
التعداد وشبكة مقدمي الخدمات الطبية وجودة الخدمة ومصادر التمويل ورغم ذلك تبقي
بعض الدروس التي يمكن أن يفيد منها القائمون علي تفصيل مشروع قانون الضمان الصحي
المصري
الدرس الأول : لأغراض هذا القانون تُعامل الفئات الآتية معاملة
المواطنين القطريين: المرأة غير القطرية المتزوجة من قطري. وأبناء المرأة القطرية
المتزوجة من غير قطري. وهذا أمر يجب نحتذي فيه حذو قطر ويجب ألانغفله بحجة أن
التعداد كبير لأن في ضم هذه الفئات منافع كثيرة اجتماعيا وسياسيا وأمنيا
الدرس الثاني : تُحدد أقساط التأمين الصحي وفقا للقواعد
الاكتوارية المتعارف عليها وتكون الحكومة مسؤولة عن سداد أقساط التأمين الصحي عن
كل مواطن قطري. يتولى المجلس الأعلي للصحة مراجعة قيمة أقساط التأمين الصحي واجراء
ما يراه بشأنها من تعديلات وتحديد مقدار الدعم الحكومي اللازم لذلك. وفي هذا الدرس
يمكن أن نتعلم عدة أمور تحديد قيمة القسط بطريقة علمية وعملية مع فارق أسعار وجودة
الخدمة الطبية بين البلدين وكذلك وجود جهة مراقبة لا تتبع وزير الصحة وهي المجلس
الأعلي للصحة الذي يراقب الأسعار والجودة وأخيرا مسؤولية الحكومة عن التأمين الصحي
للمواطنين وتحديد مقدار الدعم وهي مشكلة مستعصية في مصر خصوصا عند الحديث عن مصادر
تمويل المشروع الذي ربما يتجاور مائة مليار جنيه مصري لنحقق الحد الأدني من إتاحة
وجودة الخدمات الطبية المقدمة وهذا لايأتي بوجود 3 جهات منفصلة مقدمي الخدمة
ومراقب تقديم الخدمة والممول الذي هو الدولة
الدرس الثالث : تشمل خدمات التأمين الصحي الإلزامي الخدمات
الوقائية والعلاجية والتأهيلية والفحوص الطبية ويجوز بموافقة المجلس الأعلي للصحة
تقديم الخدمات الصحية الاضافية للمستفيدين بأحكام هذا القانون، بواسطة مقدمي
الرعاية الصحية. وهذا توضيح يجب أن نقدمه للشعب قبل أن يصنع السياسيون من البحر
طحينة فيجب أن يعلم الناس أن الخدمات الأساسية بسعر والخدمات الإضافية بسعر أخر
وأن هناك استثناءات عدة لايغطيها التأمين مثل عمليات التجميل وأطفال الأنابيب وبعض
الأمراض الجلدية
الدرس الرابع: كنظرة عامة للقانون فهو السهل الممتنع من حيث عدد
المواد والصياغة والشمولية لجميع النقاط المهمة وذات الصلة بالموضوع وأيضا
الإحالة للقوانين أخري فالقانون عبارة عن 30 مادة موزعة علي ستة فصول وينبغي
أن نذكر أن هذا القانون قد استوي علي نار هادئة علي يد محترفين وهو مانرجو أن يحدث
مع قانون الضمان الصحي المصري
الدرس الخامس : تُنشئ الحكومة شركة مساهمة قطرية بموجب أحكام هذا
القانون والقانون المنظم للشركات التجارية، وعقد تأسيسها ونظامها الأساسي تُسمى
"الشركة الوطنية للتأمين الصحي". ربما يكون المفهوم في مصر مختلف لكن
مافعلته قطر ومن قبلها دول عربية أخري هو الأساس الصحيح لتقديم خدمة طبية ذات جودة
وبأسعار تنافسية وغير ذلك هو من قبيل المزايدة السياسية وبالنسبة للشركة الوطنية
للتأمين فلدينا خبرات طويلة في هذا المجال مثل شركة مصر للتأمين وغيرها
الدرس السادس : وضع مبلغ حد أقصي لوثيقة التأمين وهو
250 ألف ريال في السعودية كمثال ومدة للتجديد وهي سنوية كما جرت
العادة ويحدد الحد الأقصي وقيمة قسط التأمين الهيئة الحكومية المراقبة
الدرس السابع : وضع آليات مناسبة لضمان استشارة الجمهور
والجهات الأخرى في بعض الأمور المتعلقة بنظام التأمين الصحي وهذا أمر مهم وهو
استشارة الشعب في أمر يهمه ولا أعتقد أن هناك أمر يهم الناس أكثر من صحتهم
الدرس الثامن : تعد موازنة التأمين الصحي بناء على اقتراح المجلس،
وتدرج ضمن الموازنة العامة للدولة وهو اختلاف جوهري بين القانون في قطر ومشروع
القانون في مصر لكن إدراج موازنة التأمين في الموازنة العامة هو الزام
للحكومة بأداء واجب من واجباتها الأساسية ورعاية صحة المصريين
الدرس التاسع : التأمين الطبي للأجانب والزائريين وهو معمول به في
مصر مع بعض الجنسيات لكنه غير معمم وهذه فرصة لتعميمه ليكون الزائر أو الأجنبي
لديه تغطية تأمينية والأمر ينطبق علي السائحين أيضا
الدرس العاشر: وهو بيت القصيد أومربط الفرس ومسك الختام
أتحدث هنا عن التمويل ومصادره فحسب القانون القطري ( تعتمد الشركة
الوطنية للتأمين في تمويلها بشكل اساسي على اقساط التأمين الصحي وعلى التمويل
الحكومي المباشر واية مصادر اخرى يقررها المجلس.) وهو عكس الفكرة التي يقوم عليها
التمويل في مشروع قانون الضمان المصري مع أخذنا في الاعتبار عدد السكان ومستوي
الدخل بين مصر وقطر ولكن عدد السكان في مصر الذي يقترب من مائة مليون هو فرصة لا
عائق حيث يمكن تحصيل أقساط في المتوسط مايقرب من مائة مليار جنيه مصري أي حوالي 15
مليار دولار وهو مايمثل سوق واعد يجب أن نتعامل معه كصناعة ضخمة توفر فرص استثمار
هائلة تدر أرباح وتوفر وظائف لعشرات الآلاف من المصريين من كل التخصصات الطبية
والإدارية هذا كله بشرط أن يكون الأساس صحيحا ومتخذ القرار جريئا وعلي دراية ولديه
رؤية مستقبلية لمصر وصحة المصريين وهو ما أرجو أن يكون متوفر
وفي الختام لايسعني إلا أن أشكر القارئ العزيز
الغير متخصص وأرجو أن تصل هذه الدروس لمن يهمه الأمر فهي محل نقاش يثري مواد مشروع
قانون الضمان الصحي المصري حتي وإن اختلفت الوسائل لكن تبقي فكرة وأساس التأمين
الطبي واحدة مهما اختلفت وجهات النظر ومصر علمت العالم العربي التأمين وشركات
التأمين بالخليج قائمة بخبرات وكفاءات مصرية وهم في خدمة وطنهم .حفظ الله
مصر
بقلم د/صديق الحكيم