حدود التغطية والمسؤولية الإجتماعية لشركات التأمين - نجوى هاشم
كنتُ أتحدث مع أحد أطباء العظام حول عدم تغطية التأمين الصحي
أحياناً للكثير من الأمور والاحتياجات الطبية، ما يضطر المريض أمام حاجته الملحة
للدفع النقدي مقابل خدمة يحصل عليها.
فمثلاً مريضة تشتكي من خشونة في ركبتها ولديها تأمين صحي لشركة
معروفة ولا تدفع مقابل الكشف ومستلزماته أي مبلغ، طلب منها مقابل أن تعطى «حقنتين»
مبلغ 2800 ريال، كل إبرة ب1400 ريال تعطى في الركبة لتخفيف الألم الشديد الذي
تعاني منه، حيث إن الأدوية الأخرى لم تعد مجدية.. وعندما سألت الطبيب عن عدم
اللجوء إلى كرت التأمين قال: إن مثل هذه الإبر الغالية كانت تعطى إلى ما قبل عام
على التأمين، لكن شركات التأمين اكتشفت أنها تدفع مبالغ هائلة للمرضى الذين أصبحوا
يلجأون لمثل هذه الإبر التي تريح المريض لمدة عام وبالتالي كثر تعاطيها ووصفها من
قبل الأطباء وحيث إن سعرها مرتفع، فقد أجمعت شركات التأمين على عدم دفع قيمتها
واعتبارها خارج تغطية التأمين وعلى المريض إن احتاجها دفع قيمتها.
مريض آخر يعاني من الزهايمر، وهو من الأمراض الطويلة العلاج صرف له
المستشفى العلاج في المرة الأولى، ومن ثم رفض الاستكمال حيث ان علاجه يكف حوالي
2000 ريال شهرياً وباستمرارية، المسؤولون بالمستشفيات يقولون إن علاج الزهايمر
والأمراض النفسية لا تدخل في التأمين على اعتبار انها مستديمة وطويلة، ومكلفة، مع أن
مريضاً كهذا لا يكلف التأمين الصحي في التنويم، أو البقاء في المستشفى فترات طويلة
وصرف مبالغ هائلة جراء العلاج المرتبط بالبقاء في المستشفى.
ما سبق يعكس أن شركات التأمين تتفق على طريقة خدمة المتعامل معها
بحيث إنها في النهاية هي من يربح وليس المريض الذي يعتقد أن هذه البطاقة هي
التأمين الحقيقي له والآمن.
ورغم أن كثيرين من الشعب السعودي ليس لديهم تأمين صحي ويدفعون
علاجهم من جيوبهم، حتى وان اضطرهم الأمر إلى الاقتراض هرباً من المستشفيات
الحكومية التي يحتاج المريض إلى عمر آخر من أجل أن يجد سريراً له. إلا أنهم لا يلجأون
كثيراً إلى التأمين إن لم يكونوا مرافقين مع أحد أفراد الأسرة الذي مؤمن عليه من
جهة عمله. هذا الارتفاع في تكاليف العلاج سيظل مشكلة للمرضى والمحتاجين للرعاية
ولكننا لا نتوقف أمامها خصوصاً لمن لا يملكون ثمن العلاج.
في ألمانيا يقدر عدد من يحتاجون إلى الرعاية الصحية والاهتمام في
بيوت العجزة ب2.4 مليون إنسان وقد يقفز عام 2050م إلى 417 مليون إنسان.
وقد بدت مخاطر انزلاق المتقاعدين العجزة تحت خط الفقر واردة حسب
عوامل ارتفاع الأسعار والتضخم والأزمة المالية لعبت دوراً في انحدار مستوى
المتقاعدين وكبيري السن مع دفع هؤلاء المتقاعدين إلى توجيه بوصلتهم والهجرة إلى
بلدان أوروبا الشرقية «الفقيرة» وبلدان آسيا وأفريقيا الفقيرة بغية الحصول على
رعاية اجتماعية تتناسب مع مداخيلهم الضعيفة، في حين ترتفع كلفة رعاية المسن في
ألمانيا إلى 2900 يورو تنخفض في التشيك وسلوفاكيا والمجر إلى 800 يورو شهرياً.. في
تايلند تنخفض تكلفة رعاية المصاب بالزهايمر إلى نصف ما تكلفه في ألمانيا.
البعض هاجر إلى أوغندا حيث تكلف الرعاية 400 يورو مقابل 4000 في
ألمانيا.
ما سبق من معاناة من يحتاجون إلى الرعاية في أرذل العمر الصحية
والاجتماعية يفترض أن تتحمله كما يقول المسؤولون شركات رعاية تقوم على توفير
متطلبات المحتاجين لكن في المحصلة كل شركات الرعاية الصحية تعتني وتخلص لمصالحها،
ومن ثم من تتكفل برعايته.
المصدر / جريدة الرياض