التأمين المقنع أو التأمين بأسلوب الواجهة Fronting
تُلزم التشريعات
والجهات الرقابية في بعض الدول المؤمن له بتقديم وثائق تأمين للمشاريع الحكومية
صادرة من شركات تأمين محلية تتوافق مع ما سنه المُشرع من قوانين ، والشركات
الوطنية بدورها تنقسم إلى شركات كبيرة بل ضخمة وبعضها الأخر صغير جداً برأس مال
متواضع وقدرة إحتفاظية ضئيلة للغاية ، وبكل تأكيد ليست الشركات الوطنية وحدها من
تعمل في السوق فهناك شركات عالمية تقوم بفتح مكتب صغير وتوظف عدداً كبيراً من
المسوقين لها.
هؤلاء
المسوقون في العادة يكونون أنشط بكثير من الشركات الوطنية الكسولة والتي تنتظر
العميل حتى يزورها بدلاً من أن تزوره كما تفعل الشركات الأجنبية وتعد من تزورهم
بتقديم وثائق تتماشى مع متطلبات الدولة وبأقساط أقل بكثير من الشركات الوطنية.
ولكن كيف
ستقدم الشركة الأجنبية أو وسيطها أو وكيلها بوليصة تأمين صادرة من شركة محلية
وفقاً لمتطلبات مالك المشروع ؟ هناك طريقة شائعة للقيام بذلك وهي أن تقوم الشركة
الأجنبية بالتعامل مع شركة وطنية صغيرة تطمع لزيادة إيراداتها وتقنعها بإصدار
وثيقة مختومة بختمها مقابل عمولة متفق عليها ويتم كتابة إتفاقية بين الشركة
الأجنبية والوطنية بحيث تعفي الشركة الأجنبية الشركة الوطنية من أي مسؤولية في حال
وقوع مطالبة وهذا التأمين يسمى بالتأمين المقنع أو التأمين بأسلوب الواجهة Fronting فالمؤمن طرف والذي صًّدر البوليصة طرف أخر غير المؤمن.
كيف نشأت
هذه الممارسة ؟
نشأ هذا
النوع من التأمين في الولايات المتحدة ، وذلك بسبب إختلاف القوانين والقواعد
الرقابية بين ولاية وأخرى وحاجة شركات التأمين للعمل في كل هذه الولايات والتي قد
لا تتماشى شركة التأمين مع أحكامها الرقابية ، مما أدى إلى لجوء شركات التأمين هذه
إلى التعامل مع شركات أخرى في الولاية التي تريد العمل بها بحيث تقوم هذه الشركات
المحلية بإصدار البوليصة مقابل عمولة على أن لا تتحمل أي مسؤولية ناتجة عن
البوليصة وبذلك يستفيد الطرفان فالطرف الأول يغنم بالقسط التأميني والطرف الثاني
يغنم بعمولة مرضية ، وبذلك يكونوا قد إلتفوا على المتطلبات القانونية.
لماذا تقبل الشركات الوطنية القيام بهذا العمل ؟
في الحقيقة بعض الشركات الوطنية ذات رأس مال ضعيف ؤتطمع
لزيادة إيراداتها بأي شكل ، خاصة أنها لا تغنم من السوق المحلية إلا القليل من
الأقساط في حين تغتنم الشركات الكبرى الحصة الاكبر من الأقساط ، فترى في تقديم
التأمين المقنع فرصة لزيادة إيراداتها.
ما الأثار السلبية على مثل هكذا نوع من الممارسات ؟
عند حدوث خسارة للعميل فأن الأخير سيقوم بتقديم
مطالبة إلى الشركة الوطنية التي قدمت له البوليصة والتي بدورها سترفع تلك المطالبة
للشركة الأجنبية ، وفي حال تلكؤ أو عجز او رفض الشركة الأجنبية للسداد ، فإن
الشركة الوطنية هي المسؤولة أمام المحاكم المحلية عن تعويض العميل ، وقد يؤدي ذلك إلى إفلاسها لعدم قدرتها على
تغطية مطالبة العميل في حال كانت ضخمة.
من جهة أخرى فإن الأقساط التأمينية التي يدفعها
العميل ستذهب إلى الشركة الأجنبية أي أن الإقتصاد المحلي ينزف قسماً هاماً من
موارده والتي من المفترض أن تبقى داخل البلد نفسها.
لماذا تقوم الشركات الأجنبية بهذه الممارسات ؟
في الحقيقة الشركات الأجنبية ترى في هذه الممارسة
طريقة لزيادة إيراداتها وتفتح أمامها مصادر جديدة للدخل ، فهذا النوع من التأمين
يوفر عليها الكثير من النفقات ، فبدلاً من فتح فرع للشركة في كل الدول وتعيين
فنيين لتقييم المخاطر ولمعالجة المطالبات وما يترتب على ذلك من نفقات وضرائب فإنها
تقوم بكل تلك العمليات من مركز الشركة الرئيسي في الدولة الأجنبية وتوفر بذلك
نفقات كبيرة جداً.
لماذا يقوم العميل بقبول هذا النوع من التأمين ؟
يمكن تقسيم العملاء في هذه الحالة إلى قسمين ، القسم
الأول هم العملاء الذين لا يدرون حقيقة ما يجري ، والذي يهمهم هو بوليصة تأمين بتكلفة
معقولة، حيث يصل إليه مندوبو الشركات الأجنبية بشكل أسرع في العادة من الشركات
الوطنية التي قد لا تسعى إليه أصلاً ، ويعرضون عليه بوليصة بسعر جيد فيقبلها.
القسم الثاني من العملاء : هم العملاء الذين لا
يريدون أصلاً التعامل مع شركات وطنية ، ويرغبون في تأمين أعمالهم لدى شركات عالمية
، وهؤلاء في العادة هم شركات التنقيب عن النفط وفروع الفنادق العالمية ومكاتب
الإستشارات الهندسية العالمية ، حيث يطلبون تغطية من شركات عالمية معروفة والتي
بدورها تطلب من الشركات المحلية تقديم بوليصة مقنعة مقابل أن تشركها في التغطية إن
رغبت بالإضافة إلى عمولة ، وفي الحقيقة فإن شركات التأمين المحلية وحتى الضخمة
منها تعتبر هذا الطلب إمتيازاً لها وتفخر به في هذه الحالة ، وهذا يعطيها فرصة
للإطلاع على كيفية إجراء المعاملات للمطالبات الكبيرة وللأخطار الخاصة التي قد لا
يكون لديها خبرة سابقة فيها.
للأسف التشريعات العربية في مجالات التأمين ما زالت
قاصرة جداً ، والحديث عن موضوع التأمين المقنع ما زال في أضيق الحدود ، ففي الوقت
الذي حظرت فيه تشريعات بعض الدول هذا النوع من الممارسات ، لا يوجد تشريعات واضحة
ولا حتى مناقشات بخصوصه في سوق التأمين العربية.
سلسلة عن التأمين أتحدث - التأمين المقنع - بقلم
/ احمد
تعليقات
إرسال تعليق