ما الذي يقدر أن ينجزه اتحاد شركات التأمين الكويتي ؟ يوسف عبدالكريم الزنكوي
قبل
سنوات تطرقت عبر عدد من المقالات إلى تدني إنجازات اتحاد شركات التأمين بما يحقق
الأهداف المرجوة منه. حينها ركزت على غياب إنجاز ملموس يستحق الذكر لهذا الاتحاد,
أو يمكن أن تستفيد منه شركة من شركات قطاع التأمين. حينها تلقيت اتصالات من بعض
القيادات التأمينية تنصح بتخفيف حدة النقد على اتحاد وليد على الرغم من أنه كان
حينها قد مر أكثر من خمس سنوات على ولادته, وطلبوا منا عبر هذه الاتصالات تقديم
الدعم الإعلامي لهذه المؤسسة لكي ينجح في تحقيق الأهداف التي من أجلها ظهر إلى
الوجود.
حينها
نزلنا عند رغبة من نقدر خبرته التأمينية التي قاربت الاربعين, وقبلنا بطلبات من
نحترم رغبته الوطنية, فمددنا أيادي التعاون الإعلامي للاتحاد على الرغم من عدم
معرفتنا الشخصية بأي من أعضاء مجلس إدارته ولا بخلفياتهم العلمية ولا العملية.
ولكننا قمنا بالواجب, وأكدنا على عدد من زملاء المهنة الصحافية أهمية أن يزيدوا من
جرعات الدعم لقطاع التِأمين, وفعلا قاموا بإجراء لقاءات وحوارات مع بعض قيادات
وحدات قطاع التأمين من أجل أن تسهم هذه النشاطات الصحافية, سواء بطريق مباشر أو
غير مباشر بدعم جهود اتحاد شركات التأمين.
كما
أوعزنا إلى عدد من مسؤولي البرامج الاقتصادية في أكثر من قناة فضائية كويتية للتركيز
على قطاع التأمين من أجل الاطلاع عن قرب على مطالبه ومشاكله والمعوقات التي تعترض
تحقيق أهدافه. وكل هذا كان ولايزال يصب في صالح الاتحاد إن بشكل مباشر أو غير
مباشر, إلى جانب قيامنا بنشر بضع مقالات تشيد بمحاولات الاتحاد تحقيق أهدافه,
وبالتالي خدمة أعضائه, للتأكيد على إننا حالمون بتحقيق أحلام تأجل تحقيقها لأكثر
من نصف قرن من الزمن, لنؤكد بأننا "نعين ونعاون", وحتى لا يظن البعض
إننا معارضون من أجل المعارضة.
وعلى
الرغم من أن الاتحاد لم يحقق غالبية أهدافه التي من أجلها أسس هذا الصرح التأميني,
إلا أن التفاؤل بمستقبل زاهر كان يملأ نفوس وعقول وقلوب الأعضاء, وبأن شيئا ما سوف
يتحقق من أجل صالح القطاع سواء كان عبر الاتحاد أو بدونه إن عاجلا أو آجلا. ولهذا
تقدم عدد من الأعضاء إلى المجلس السابق والحالي بعدد من المقترحات ليس من أجل
تحقيق أهدافه وتنفيذ مطالب أعضائه فحسب وإنما لتطوير أداء الاتحاد أيضا من أجل
تسريع وتيرة الإنجاز.
لا
أدري ما الذي دفعني إلى تذكر المثل العراقي "امدحوا الميت .... بالكفن".
إذ إنه ورغم كل هذا المديح والجهود الإعلامية لدعم الاتحاد, لم نتحسس تفاعلا
إيجابيا من جانب هذا الاتحاد. فقد انتظرنا بفارغ الصبر لشهور طويلة, ثم امتدت
لسنوات لعل وعسى أن يظهر في الأفق ما "يطيب خاطر" المخلصين لاقتصاد هذا
البلد, ولكن "لا طبنا ولا غدا الشر", لأنه وبكل بساطة "هذا سيفوه
وهاذي خلاجينه", فلا نفذوا مقترحاتهم ولا استفادوا من جهود خبراء القطاع, ولا
تحركوا قيد أنملة نحو الإنجاز.
هل
اتحاد شركات التأمين هو الاتحاد الوحيد من بين كل اتحادات القطاعات الاقتصادية
الأخرى الذي ينفرد بمثل هذا الجمود?. أم أن قطاع التأمين بأكمله قد تعود
الخضوع والخنوع لكل ما يفرض عليه من الأجهزة الحكومية, فلا يستطيع الرفض أو
الاعتراض, ولا يقدر حتى على الدفاع عن نفسه?. الغريب أن غالبية شركات القطاع تظهر
نفسها وكأنها قابلة بالأمر الواقع المرير, حتى وإن لم تحصل على الحد الأدنى من
حقوقها المشروعة, فتلوذ بالصمت وتركن إلى الانطواء عند أي رفض حكومي لتحقيق أي هدف
من أهدافها أو أي مطلب من مطالبها, وأسهل هذه المطالب دعوة الحكومة لأن ترفع سقف
التأمين على السيارات.
هل
حقق الاتحاد كل مطالبه منذ أن تأسس قبل سبع سنوات, فتشبع وتوقف عن ممارسة
الإنجاز?. أم أنهم نسوا أو تناسوا أن مهمتهم محصورة في تحقيق أهداف محفورة في
النظام الأساسي للاتحاد?. أم أنهم نسوا أنه إذا لم يتمكنوا من تحقيق شيء ما, فيجب
إفساح المجال لغيرهم, لأن هناك أناساً آخرين مخلصون يرغبون في تقديم الحد الأدنى
من الإنجاز وصولا إلى الأعمال الجليلة للوطن من خلال قطاع التأمين?.
لقد
نمى إلى علمنا أن الجمعية العمومية لاتحاد شركات التأمين والتي انعقدت أخيرا لم
يحضرها غالبية المؤسسين لهذا الاتحاد باستثناء واحد أو اثنين فقط, أما بقية
المؤسسين أو الأعضاء فقد أرسلوا آخرين نوابا وممثلين, ومثل هذه الاشارة تحمل
الكثير من المعاني والإشارات وعدداً غير قليل من الاحتمالات, وعلى رأسها أن
الجمعيات العمومية لهذا الاتحاد لم تعد راضية عما يجري في الاتحاد, ولهذا صارت غير
ضرورية كسابق عهدها. فهل صار الاتحاد سائرا على الخط المرسوم له من قبل المؤسسين
فلم يعد هناك أي داع لوجود هؤلاء المؤسسين?. وهل حقق أعضاء مجالس إدارة الاتحاد
السابقين والحاليين أهداف الاتحاد حتى اطمأن قياديو قطاع التأمين على هذا الاتحاد,
فكان غيابهم عن اجتماع مهم علامة الرضا على أدائهم?. وهل أنجز الاتحاد الحد الأدنى
من طموحات المؤسسين فكان "نفورهم" عن الجمعية العمومية الأخيرة إشارة
إلى كمال إنجازاتهم, حتى صار القبول بالبيانات الإدارية والمالية للفترة السابقة والمطروحة
على الجمعية العمومية للاتحاد وكأنه قبول بالتزكية التي لم تتطلب حضورا ولم تستدع
قبولا مباشرا?.
أم
أن كل هذه الإشارات المتمثلة بالتمثيل غير المباشر إشارة واضحة تكاد تعمي الأبصار
على أن هناك عدم رضا على ما قدمه الاتحاد لأعضائه, ثم خاب ظنهم فكان الغياب دليلا
على المطالبة بتحرك ما, سواء من قبل الاتحاد أو من الجمعية العمومية أو من شركات
التأمين نفسها وبشكل مباشر?. وإلا فلماذا العزوف الفاضح من قياديي التأمين عن
الحضور ليس لاجتماع الجمعية العمومية, ولكن الامتناع عن حضور اجتماعات اللجان
المنبثقة عن مجلس إدارة الاتحاد أيضا, بل وتقديم البعض منهم استقالاتهم من هذه
اللجان?. حقيقة الأمر أن اتحاد شركات التأمين يحتاج إلى ستراتيجية وأهداف واضحة
المعالم ومنهج وخطة قابلة للتنفيذ على أرض الواقع للسير على هديها, هذا إذا كانوا
فعلا بحاجة إلى استقطاب المزيد من الاحترام اللائق بقطاع التأمين من قبل الدولة
ومؤسساتها المعنية بالتأمين, كما هو حال قطاعات التأمين المحترمة في كل أنحاء
العالم. وعندما نأتي على ذكر الاستراتيجية أو الخطة ذلك لأننا نرى كيف يعمل
الاتحاد وبطريقة ارتجالية غير مدروسة في تحقيق مطالبه لدى الجهات الحكومية وبأسلوب
فردي لا مؤسساتي, وهو المعني بتحقيق المصالح المشتركة لجميع أعضاء الاتحاد.
ولهذا
نقول إن الاتحاد ليس فعالا ولا أظهر جدية في الإنجاز, أو إن أعضاء مجلس الإدارة أو
بعضهم غير جادين في دفع أهداف الاتحاد نحو التحقيق. فليس من المعقول أنه وبعد كل
هذه السنوات من التأسيس لم يتمكن الاتحاد من تحريك المياه الراكدة لمشروع القانون
الجديد لقطاع التأمين, ولم يتمكنوا أيضا من إقناع أي جهة حكومية ذات علاقة
بالتأمين من زيادة الرسوم على وثائق التأمين على السيارات, رغم انقضاء أكثر من
خمسين سنة على تأسيس أول شركة تأمين كويتية. فما هو أسهل إنجاز يمكن أن يحققه هذا
الاتحاد أكثر سهولة من موضوع رسوم التأمين?
تعليقات
إرسال تعليق