شروط مجمعات التأمين في العراق ومدى الالتزام بها - مصباح كمال
قامت
جمعية التأمين العراقية بتاريخ 20/5/2013 بتوزيع تعميمٍ قصيرٍ موجه إلى أعضاء
الجمعية ونسخة إلى ديوان التأمين، موضوعه “شروط المجمعات” وقد نصَّ على التالي:
)نرجو الالتزام الكامل بشروط منح
التغطية لمجمعات التأمين التي تم تأسيسها من قبل الجمعية حفاظاً على حقوق
المشاركين في تلك المجمعات، وفي حالة حصول مخالفة لتلك الشروط فإن الشركة المخالفة
لهذه الشروط تتحمل لوحدها المسؤوليات المترتبة على هذه المخالفة. آملين أن يكون
الالتزام بالشروط التي تم الاتفاق عليها موضع التنفيذ عند منح التغطية. - توقيع، صادق فاضل عليوي، رئيس الجمعية (14/5/2013) (
فيما
يلي سنقدم بعض الملاحظات التي عنَّتْ لنا أثناء قراءة التعميم بأمل فتحِ نقاشٍ عن
المجمعات والضوابط التنظيمية للعملية الاكتتابية ودور الجمعية. ليست لنا
معرفة كافية بآليات إدارة المجمعات ونسب توزيع الأخطار بين الأعضاء وغيرها من
الأمور العملياتية، ولذلك فإن هذه الأمور مستبعدة من ملاحظاتنا. في ظننا أن
مضمون هذا التعميم سيجدُ له ترحيباً من العديد من الشركات الأعضاء لأنه يستهدف
حماية المصالح المشتركة، ويجنب تعريض نتائج المجمعات إلى التذبذب بسبب عدم التزام
بعض الأعضاء بشروط الاكتتاب التي تنظم عمل المجمعات.
المجمعات
القائمة
لقد تأسست المجمعات استجابة لحاجة ماسة لتوفير الحماية على
أساس تبادلي لمجموعة من الأخطار المستبعدة من اتفاقيات إعادة التأمين التي نظمتها
شركة إعادة التأمين العراقية لصالح جميع شركات التأمين العاملة في العراق.
وهذه المجمعات تضم في الوقت الحاضر:
مجمع
التأمين على المخازن
مجمع
التأمين على النقد أثناء النقل
مجمع
التامين على النقد اثناء الحفظ
وهناك
دعوات لتنظيم مجمع للتأمين على أخطار الإرهاب. مثلما هناك تفكير لتكوين
صندوق وطني للتعويض عن آثار الكوارث الطبيعية ربما سيكون للجمعية دور في تشكيله.
شروط
المجمعات
لم نتعرَّف على نصوص شروط جميع المجمعات سوى شروط مجمع تأمين
المخازن. لا تضم شروط هذا المجمع فقرات رادعة أو عقابية عند الإخلال بالشروط
من قبل أحد الأعضاء. وهي تركز على شروط اكتتابية معينة ومنها ما يخص حجم
الخسارة المهدرة (10% (عشرة بالمائة) عن كل حادث تعويضي للمخازن التي تزيد مبالغ
تأمينها عن واحد مليار دينار) وأسعار مقترحة تتماشى مع نوع المخازن المطلوب
التأمين عليها. “الردع” الوحيد الذي نقرأه في التعميم، وليس في شروط هذا
المجمع، هو أن “الشركة المخالفة لهذه الشروط تتحمل لوحدها المسؤوليات المترتبة
على هذه المخالفة.” [التأكيد من عندنا]. إنْ كانت الشروط، وكما
يبدو، غير مُلزمة للأعضاء أو قُلْ إن الاعضاء لا يتقيدون بها، فلا ندري مدى
إلزامية هذا الردع في التعميم.
صياغة شروط
مجمع المخازن، كمثال، تفتقر لعنصر الإلزام؛ ففيما يخص الأسعار، فإن الشرط الحادي
عشر يحمل عنوان “الأسعار المقترحة” – أي هي أسعار إرشادية وليست إلزامية.
وبهذا التوصيف فإن الشركات الأعضاء لها الحرية في تطبيق السعر الذي تراه
مناسباً للخطر.
لو كانت
هناك مدونة لقواعد السلوك code of conduct، ذات طابع إلزامي للأعضاء، لكان تحويل عبء مخالفة الشروط على
الأعضاء المخالفين ذا أثر.
إذا كانت
شروط المجمعات تخلو حقاً من أية عقوبات أو غرامات مالية أليس من المناسب العمل على
إعادة النظر بالشروط لإضفاء صفة إلزامية عليها خاضعة لعقوبات وغرامات محددة عند
مخالفتها بدلاً من الاكتفاء بالدعوة إلى الالتزام بالشروط؟ نقول هذا وفي
بالنا أهمية التأكيد على المصالح الجماعية المشتركة التي يتعّيُن على الأعضاء
الحفاظَ عليها بحيث لا ينتهي الأمر بتحميل العضو الجيد، الملتزم بشروط المجمع، عبء
تمويل خسارة للمجمع سببها سوءُ تصرّف عضوٍ آخر غير ملتزم بشروط المجمع.
القواعد
الاكتتابية للمجمعات
تضم شروط المجمعات قواعد للاكتتاب وربما أسعار تمثل الحد
الأدنى أو أسعار مقترحة – كما هو الحال في شروط مجمع تأمين المخازن. بعض
الأعضاء يُعرِّضون المصالح العامة للمجمعات إلى الخطر من خلال الاكتتاب بأسعار هي
دون الحدود الدنيا المقترحة أو المتفق عليها (وحتى دون الأسعار الفنية التي تعتبر
كافية لتمويل عبء الخطر). وعندما تتحقق الخسائر عند هؤلاء فإن تمويلها يتوزع
عليهم (وهم الأقل مساهمة في صندوق أقساط المجمع) وعلى الأعضاء الملتزمين بشروط
المجمع (وهم الأكثر مساهمة في صندوق أقساط المجمع).
سلوك
الشركات الأعضاء غير الملتزمة بشروط المجمعات (الاكتتابية والسعرية) ينبع من
التنافس للإبقاء على مكانة الشركة في السوق وحصتها من مجموع أعمال التأمين أو
التوسع فيها من خلال التخلي عن القواعد الاكتتابية المعهودة أو تلك التي ترد في
شروط المجمعات، والتأكيد على التنافس السعري كوسيلة وحيدة لتحقيق الأرباح حتى لو
كان ذلك على حساب الأعضاء الآخرين في المجمع، والاستهتار بقواعد المهنة.
لنتذكر أن
السلوك غير المنضبط وغير الملتزم بالقواعد الاكتتابية والأسعار الدنيا المنصوص
عليها في شروط المجمعات قد يؤدي بالشركة غير الملتزمة إلى التلكؤ في تسوية
المطالبة أو قد يدفع نحو خلق مصاعب أمام المؤمن له، وبالتالي فإن الأثر السلبي
لهذا السلوك لا يقتصر على المؤمن له أو ينحصر بموقف الشركة المعنية وإنما يمتد
ليطالَ مؤسسة التأمين ذاتها والانتقاص من قيمتها كوسيلة اقتصادية فعّالة للتعويض
من الأضرار الاحتمالية.
ولما كانت
هناك أسعار دنيا “مُلزمة” لجميع الأعضاء، أو يجب أن تكون مُلزمة، فإن التنافس يجب
أن يَنصَبَّ على عناصر أخرى، ومنها التميُّز في تقديم الخدمات (كالسرعة في إصدار
وثيقة التأمين، والسرعة في تسوية المطالبة وغيرها) وكذلك الاستفادة من أدوات معينة
(كمكافأة عدم المطالبة بالتعويض no claim bonus، أو توفير مكافأة بنسبة معينة ارتباطاً بخبرة الخسارة low claim bonus، تخفيض قسط التأمين من خلال خسارة مهدرة
عالية discount for higher
deductible، تقديم حافز سعري عند إكمال المؤمن له للتوصيات الهندسية لتحسين
نوعية الخطر engineering incentive
bonus الخ).
دور
الجمعية وإعادة النظر بشروط المجمعات
هذا
التعميم، بحد ذاته، يُشكّلُ بداية لإعادة النظر بشروط المجمعات فهو يعكس اعترافاً
مُضمراً بوجودِ مشكلةِ عدم التقيد بالشروط بضمنها، وربما هذه هو الأهم، الأسعار
المقترحة. عليه يجب رصد خبرة الاكتتاب والخسارة لإعادة النظر في شروط
المجمعات. والتعميم، في صيغته الحالية، يضم ما يمكن تحويله إلى اشتراط،
ونعني بهذا جعل “الشركة المخالفة لهذه الشروط تتحمل لوحدها المسؤوليات المترتبة
على هذه المخالفة.”
صحيح أن
للجمعية كيانها المعنوي ونظامها الداخلي الذي يحدد عملها لكن فعالية المجمعات
والالتزام بشروطها تظل رهينة بموقف الشركات المنضوية في عضوية المجمعات. وما
رسالة الرجاء الصادرة من رئيس الجمعية إلا تصديقاً لهذا التقييم إذ أن الإجراءات
العقابية المتوفرة للجمعية معدومة. وإذا كان أعضاء الجمعية والشركات الأعضاء
في المجمعات ميالون إلى تعزيز مكانة الجمعية في قطاع التأمين العراقي وتطوير أداء
المجمعات فما عليهم، وهذا أقلّ ما هو مطلوب، إلا العمل مع الجمعية ومع القواعد
الاكتتابية التي رسمتها للمجمعات.
تعليقات
إرسال تعليق